هل يعود التصوف الاسلامي المعتدل؟

[ابو ياسر]

السلام عليكم ورحمة الله

في حقيقة الأمر اني أريد أن أشيد بدور الأخوة في المنتدى الاسلامي وما يطرحونه من دروس وعبر وتذكير وارشاد. شكرا لكم من أعماقي.

ولكن نحن في زمن قد غلبت عليه المادية الجشعة وطغت فيه النوازع والشهوات( البطن والفرج وحب الظهور والسلطة,...). كثير من الناس بدا يأخذ من الدين ما يشاء ويترك ما يشاء على وفق هواه. الهوى وما أدراك ما الهوى. البعض قد يبدي ما لا يبطن . نجد أنفسنا أحيانا متناقضين , ننهى عن خلق ونأتيه. نعلم مالا نعمل به أو العكس. اذا خلونا بمحارم الله انتهكناها ( الا من عصم الله) . كثر القيل والقال والغيبة والنميمة , اذا أطلق أحدنا لحيته أو قصر ثوبه أو تحجبت ولبست العباءة من فوق الرأس وارتدت الدسوس ( مع استحساني لها) أصابنا أحيانا الغرور والعجب أو أحيانا طلبا لقبول او مكانة اجتماعية ونسينا قول الشاعر في الله : ليت الذي بيني وبينك عامر / وبيني وبين العالمين خراب/ اذا صح منك الود فالكل هين / وكل الذي فوق التراب تراب. قد لا نتكلم أو نقول الحق مخافة المجتمع . أو فقد الجمهور والمكانة الاجتماعية. وكأن مفاتيح الجنة أصبح في أيدينا أحتقرنا العصاة( ظاهرا )ونسينا قول المصطفى أن الجنة لا يدخلها أحد بعمله بل بفضل ورحمة الله أو كما قال و لا ننسى قصة قاتل 99نفسا وأدخله الله الجنة بسبب توبته وصدقه مع الله بينما عاقب الراهب الذي حكم على الله وأقنط العاصي من رحمة ربه. تجدنا أحيانا نسيس الدين لأغراضنا الشخصية ولكسب ثقة الناس .كذلك غفلنا أن النفاق والرياء والذنوب الخفية والتي هي أشد خطرا وأعظم من الذنوب الظاهرة. انشغلنا بعيوب الناس وهتك أعراضهم وتتبع عوراتهم ونسينا عيوبنا واصلاحها. ورضي الله عن علي حين قال رحم الله امرءا أهدى الي عيوبي.
أيها المسلمون هلا عدنا الى تصحيح قلوبنا من الرياء والنفاق والحسد وسوء الظن بالناس واحتقارهم والعجب بالنفس والعمل الصالح والبغض والكراهية, جالسنا العصاة نناصحهم ونحببهم في الله ثم الدين لا ازدرائهم أو اشعارهم اننا خير منهم والتواضع للعامه ومحبتهم ومخالطتهم , جاهدنا أنفسنا لتخليصها من شهواتها ونوازعها المادية النارية, ونسمو بها الى الخلق والخصال السامية النورانية مثل الاخلاص لله في المحبة والخوف والرجاء حتى لو قل العمل , والتواضع والمحبة وتزكية النفس والايثار والزهد وردع الهوى لموافقة ما يحب الله وبغض ما يكره وعدم الأمن من مكر الله وعدم القنوط من رحمته وتجديد الايمان والتوحيد.

لا أخفيكم أن حتى في الغرب ينشدوا هذه المعاني السامية وتشدهم أكثر للاسلام من الالتزام الشكلي. حقيقة أحيانا نجد أنفسنا ننشغل بالأحكام والفروع ونهمل العقائد والأصول خاصة في الدعوة. ( راجع كتاب فقه الأولويات للشيخ القرضاوي)
عرفنا أن أحدهم مسلم أمريكي أسود خريج سجون معربدا سكيرا لكن غيرته على الاسلام تهز جبل.
وأجد والله بعض جماعتنا - وهم قلة- ما يحفظ من القران وتجويده وحفظ بعض الأحاديث النبوية ومعرفة صحيحها وسقيمها وقواعد الفقه وأحكامه وفتاوى العلماء واختلافاتهم ( طبعا أحدهم خريج المعهد العلمي الشرعي ,... ووالله قد لا يجد مناسبة الا وينال من الاسلام وأهله وعلمائه ويفتي ويترخص حسب هواه حتى أن البعض فتن بغزارة علمه في الدين - أسأل الله أن يهديه-.
ففي الحقيقة يجب أن نركز على القناعات و نغرس القيم في القلوب قبل أن نهتم بالأشكال والظهور.

اضافة الى ذلك هذه نزعة عامة الناس في الغرب -حسب استطلاعي-, ولو أن بعضهم ( وخاصة المثقفة والأكاديمية) يحبذون النقاش والسؤال الكثير في الالاهيات والغيبيات( لا ننس أن أكثرالمتعلمين في الغرب ملحدين) . بمعنى أنك تحتاج الى فلسفة ومنطق وبرهان علمي واتجاه عقلاني لاقناعهم أكثر من الترهيبي الوعظي أو الترغيبي الصوفي والجواب على أسألتهم وهي الأصعب والأخطر لمن ليس له باع فيها , والله يعصمنا من الضلال ويهدينا صراطه المستقيم والحمد لله.

أتأسف على حشو المعلومات وعدم ترتيبها , وأعلم أن بعض المواضيع يحتاج له بحث كامل وليس اشارة. ولكن أردت أن أعطي صورة عامة. وأعلم أن البعض قد يخالفني في التصوف المعتدل , ولكن أرجو منه قبل الحكم أو الرد أو التعقيب أن يطلع على كتب بعض علمائه مثل كتاب" الاحياء" و "الى بني" و "جواهر القران" و" مكاشفة القلوب" لابي حامد الغزالي وحكم ابن عطاء السكندري وغيرهم من أعلام التصوف المعتدل.

[دايم الشوق]

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا ... لك مني أجمل تحية . ومجهود جميل ..