وإن لكم في الأنعام لعبرة‎

[عبق الورد]

قد يعجب أبناء الإسلام من هذا العنوان ، لكن أيها الرجال تلك حقائق القرآن تشهد على أن بعض الأنعام تحمل هم هذا الدين وتهتم لأمر أمتها بأكثر مما يفعل كثير من مسلمي اليوم وإليكم المثال لكي يتضح المقال:
الهدهد الداعية:
هذا هدهد سليمان عليه السلام الذي قص الله تعالى علينا قصته :[ وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين * لأعذبنه عذابا شديدا أو لا أذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين * فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لمت تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين..] إلى أخر الآيات.
فتأمل في هذا الكائن الصغير الذي استشعر مسئوليته تجاه هذا الدين ؛ فلم يطق استكانة أو قعوداً وهو يرى شعبا بأكمله قد استزله الشيطان وزين لهم سوء أعمالهم حتى أشركوا بالله الواحد الأحد فتحركت عقيدة التوحيد في قلبه الهدهدي الصغير فانطلق ليعلم قائده الخبر ليفتح له بابا لنشر دين الله تعالى.
حتى أسلمت أمة سبأ بكاملها بفضل ذلك الهدهد الداعية فكان أن كافأه ربه تعالى وكرمه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله كما قرر ذلك ابن كثير في تفسيره: ( لما كان الهدهد داعيا إلى الخير وعبادة الله وحده والسجود له نهي عن قتله)(1) كما صح عن رسولنا صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد(2).
ايجابية نملة:
إنها نملة من عامة النمل نملة عادية ليس لها صفة مخصوصة في جنسها ، لم تكن ملكة ولا وزيرة لمت تكن ذات شأن كبير في موازين الناس لكنها تحمل هم أمتها فينياط عروقها فرأت خطراً داهماً يتهدد أمتها؛ فلم تقعد ساكنة سلبية وإنما اندفعت لتحذر قومها شفقة ورحمة ببني جنسها.
ثم تأمل اعتذارها عن نبي الله سليمان ومن معه من جنده وكيف أنهم لا يشعرون بهم لكأنها تحافظ على صورة نبي دعوة التوحيد سليمان عليه السلام خوفا من أن يساء به الظن فتتأثر لذلك دعوته ؛ فهل فهمت – يا فارس الدين – ذلك السر الذي جعل تلك النملة تستحق أن يفرد لها سورة من القرآن تسمى باسمها إلى يوم الدين؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تفسير ابن كثير ، (6/188)
(2) رواه ابن ماجه ، كتاب الصيد باب ما ينهى عن قتله(3214)