لاَ تَسُبُّوهَا!!

[صبري]

بسم الله الرحمان الرحيم

يخطئ العديد من أصحاب القلوب الضعيفة بعدم التسليم لله والإيمان بقضائه سبحانه وتعالى بسبب الظواهر الطبيعية كالزلازل والأمطار والسيول الجارفة والرياح القوية وما ترافقه من أضرار كبيرة مادية وبشرية، وعوضًا عن حمد الله عزّ وجلّ وشكره ودعوته لتخفيف البلاء عنهم، تجدهم يسبُّون تلك الظواهر، حتّى أصبحت ظاهرة.
هذا وقد نهانا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن سب الريح مثلاً، ''لا تَسُبُّوا الرِّيحَ، فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا: اللّهمّ إنّا نسألك من خير هذه الريح، وخير ما فيها، وخير ما أُمرَت به، ونعوذ بك من شرِّ هذه الرِّيح، وشرِّ ما فيها، وشرِّ ما أمرت به'' رواه الترمذي وأحمد والبخاري في الأدب والحاكم وصحّحه الحاكم ووافقه الذهبي.
كما يتناسى الفرد بأن الريح مثلاً قد تأتي بالخير، وهذا هو سبب نهيّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن سبّ الريح، كما تفيده الرواية الأخرى للحديث الصحيح الّذي رواه الإمام أحمد: :لا تسبُّوا الريح فإنّها من روح الله تأتي بالرّحمة والعذاب ولكن اسألوا الله من خيرها وتعوّذوا بالله من شرّها''، لأن الريح قد تأتي بالرّحمة وقد تأتي بالعذاب.
وفي هذا السياق، ثبت في السنّة الشّريفة نهي سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن سبّ الديك وسبّ الحُمى وسبّ الأموات والدهر وعن المخالفين لديننا الحنيف، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''لا تسبُّوا الديك فإنه يوقظ للصّلاة'' رواه البخاري، وفي هذا توجيه إلى رؤية الخير في الأشياء التي قد تبدو مزعجة أو تسبّب ألَمًا، وعندما زار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أم العلاء رضي الله عنها في مرضها وجدها تَسُبُّ الحُمى فبشّرها وقال: ''لا تسبي الحُمى فإنها تنقي الذنوب كما تنقي النّار خبث الحديد''. كما نهى عن سبّ الأموات أيًّا كان موقفهم الديني، فقال عليه الصّلاة والسّلام: ''لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء فإنّهم قد أفضوا إلى ما قدموا''، بل وقد نُهِيَ حتّى عن سبّ الشيطان فقال صلّى الله عليه وسلّم: ''لا تسبُّوا الشيطان وتعوّذوا بالله من شرّه'' لأن سبّ الشيطان لا يعود على الإنسان بفائدة بل إن سبّ الشيطان علامة من علامات ضعف الإيمان، إذ لو آمَنَ الإنسان حقًا بأن الشيطان عدوٌّ مبين له كما ذكر بالقرآن، فالسبيل الوحيد هو الاستعاذة بالله من الشيطان لأن سبّ الشيطان يُعبِّر عن قلّة إيمان أو عن كبرياء الإنسان وثقته الزائفة في نفسه التي تسوّل له أنه قد صار في مأمن من الشيطان!!
بالإضافة إلى نهيّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن سبّ الدهر فقال: ''لا تسبُّوا الدهر فإن الله هو الدهر'' وقال سبحانه وتعالى في الحديث القدسي ''.. يسبُّ بنو آدم الدهر، وأنا الدهر بيدي الليل والنّهار''..
وأخيرًا نهانا عليه الصّلاة والسّلام عن سبّ من يعتنق غير الإسلام دينًا، قال تعالى: ''وَلاَ تسبُّوا الّذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدوا بغير علم. وهذه الآية هي الأساس المتين لبناء حوار حقيقي يقوم على احترام عقول البشر وحقّهم في الاختلاف، حيث نهَى صلّى الله عليه وسلّم عن الرد على الإساءة بمثلها حتّى لا يتحوّل الخلاف إلى صراع.