كل الأذكار عائدة للحمد:

[الرهيب]

‏"حمد الله": أصل الدين، وعليه مدار الإيمان، وإليه معاد التوحيد كله؛ لأن الحمد ثناء على الله بعظيم، وكمال، وجلال، وجمال فعاله،وأسمائه، وصفاته، وثناء عليه أيضا بمحاسن نعمه، وإفصاله وإحسانه على عباده.
ف"التسبيح" على فصله وعظمته، عائد للحمد؛ لأنه تنزيه لله عما لا يليق به سبحانه، لكماله وإحسانه؛ لهذا جاء:"سبحان الله وبحمده" فبسبب تلبسي بحمده وثنائي عليه، أنزهه عما لا يليق به، وهو معنى :"سبحان ربي الأعلى" و"سبحان ربي العظيم" فلعلوه وعظمته أنزهه.
وكذا التكبير عائد للحمد؛ لأنه إظهار لعظمته، التي هي أصل الحمد، والتهليل عائد للحمد؛ لأنه نفي العبودية لمن لا يستحق، وإثباتها لمن يستحق، ومن يستحق العبودية صاحب الكمال بالصفات والفعال، وصاحب الإحسان والإفضال، ولهذا كانت الحمد لله تملأ الميزان، مع عظم الميزان؛ فكل كفة من الميزان تسع السماوات والأرض.
وبهذا نفهم معنى حديث:" الحمد لله أفضل الدعاء": لأن ما يحصل من التعبد لله بالحمد، أعظم وأجل بمنازل، مما يحصل من التعبد بالدعاء.
وهذا يفسر لنا افتتاح القرآن الكريم ب"الحمد لله رب العالمين"؛ لأن الحمد أصل الإيمان، وكذا الخطب، لعظم منزلة الحمد من الإيمان، بل الحمد الإيمان؛ فبحسب ما يحمد العبد يكون الإيمان؛ فناسب افتتاح أعظم العبادات: الصلاة، وأعظم الخطب في الجمع والأعياد.
كما أن الكفر كله عائد لانتفاء الحمد؛ لأنه جحود العبد الثناء على من يستحق الثناء بفعاله وأسمائه وصفاته، وإحسانه.
ومن هنا كان الحمد لا ينقطع أبدا لأن مناطه الثناء على الخالق، حتى بعد دخول الجنة؛ فإن الإيمان لا ينقطع بعد دخول الجنة، بل هو أعظم نعيم الجنة: فيكون الإيمان يكون كفاحا عيانا لا غيبا،وكل يعلم الفرق بين إيمان المشاهدة، وإيمان الغيب؛ فيزداد أهل الجنة حمدا، وثناء، ومحبة، ويتنعمون بحمد ربهم، كما تنعموا به في الدنيا:"وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين"

سليمان النجران