[م ح البحيري]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. من فترة طويلة يحدوني الشوق أن أكتب رسالة من القلب إلى القلب لإخواني المدخنين أعضاء أو زوار أو " غيرهم " بهذا المنتدى المبارك .. وقد تعمدت أن أصدّر العنوان بكلمة إخواني لأنهم حقيقة إخوانٌ لنا . لا يعتبر وقوعهم في حبائل هذه الآفة السيئة قادحاً كبيراً يجعلنا نبغضهم في ذواتهم لا والله .. نعم نحن نبغض هذا السلوك منهم ولكن تبقى الأخوة والمودة والاحترام قائمة لا يزعزعها مثل هذا .. وأنا شخصياً لي أصحاب وأحباب مدخنون . أعتز بهم وأنتصر لهم في الحق .. وأبادلهم المحبة والمودة
وأدعو لهم من سويداء قلبي أن يتوب الله عليهم ..
عموماً هذا استطراد جانبي حاد بي بعيداً عن موضوعي الأصلي الذي أسأل الله تعالى أن يجد قبولاً وأن يثمر ثمراً يانعاً
وحديثي هذا هو اقتطافٌ يسير .. مما قد جمعته أو لخصته عن هذه الآفة المدمرة في فترات سابقة .. ومها قلت فلن أستطيع أن أغطي هذا الموضوع تغطية كاملة , وأملي في الله أن يقيظ له من أعضاء المنتدى من يجبر النقص ويستر الزلل
وبداية حديثي .. سرد بعض الأدلة العقلية التي تبين نشوز هذه العادة السيئة والتي لا أظنها تخفى على أحد ولكنها ذكرى وتذكير
وقد يُؤخذ عليّ كيف أبدأ بالدليل العقلي . قبل النقلي كما هي طريقة المعتزلة وغيرهم .. ولكن ليس هذا مباركة لطريقة من يقدم العقل على النقل .. ولكنها فكرة خطرت على بالي ذات مرة تحدثت عن هذا الموضوع في مجمع من العامة .. فالقضية أن بعض الناس إن لم يكن أكثرهم .. قد يقتنع ويرضى بالدليل والبرهان العقلي .. ويرد البرهان النقلي " البرهان النقلي : هو دليل منقول من الكتاب أو صحيح السنة "
وأول هذه الأدلة أيها الأحباب :
سؤال طريف غريب .. هذا السؤال هو .
لماذا نأكل ؟ ولماذا نشرب ؟
طبيعى أننا نأكل لنعيش ولنبقى, ولنطيع ربنا .. لأنه تعالى يقول " وكلوا واشربوا "
فهل من منظور العقل أن تعاطي التدخين يحقق لنا سبب الحياة . أو يحقق لنا سبب العيش .أو يحقق لنا طاعة الله .
كلكم توافقون على الرفض .. فهذا أول دليل أطرحه لإخواني المدخنين أن يعتبروا بمثله فإنهم والله
يشربونه لا ليعيشوا ولكنهم يشربونه ليموتوا .. والله المستعان .
والدليل العقلي الثاني :
لو فرضنا تجاوزاً لما سبق أن التدخين يُصنف ضمن المأكولات والمشروبات .. فهل رأيتم مدخناً يذكر اسم الله أو يهتم باستعمال يده اليمنى في ذلك ... أبداً وما ذاك إلا لأن الفطرة الداخلية عند المدخن ترفض أن تجعل الدخان من صنف المأكولات والمشروبات الطيبة ..
والدليل الثالث :
تعارف الناس حتى وإن لم يعلموا آداب الأكل والشرب أن يقدروا النعم وأن يرفعوا من شأن الأكل والشرب لأنهما من الطيبات .. لكن المدخن إذا ضاقت به الأرض بل أحياناً دون أن تضيق به الأرض .. يتمتع بتناول سيجارته داخل دورات المياه .. " أكرمكم الله "
ولا يرضى أدنى عاقل أن يتناول شيئاً من الطيبات المتعارف على طيبها داخل المراحيض مهما كانت الظروف .. وهذا التصرف من المدخن أيضاً هو برهان عقلي آخر .. يبين أن الفطرة السوية لا تستقيم إلا بأن تنزل الدخان منزلته التي تليق به .
والدليل الرابع :
الذي يبين أن هذه العادة رجس من عمل الشيطان أن أخانا المدخن إذا انتهى من سيجارته .. يضعها بكل بساطة تحت رجله ويطأ عليها بشدة .. ولا يمكن لأي عاقل أن يضع شيئاً طيباً تحت قدمه ويطأ عليها .. لأن هذا يخالف مفهومه الداخلي الذي لا يصنف الدخان ضمن قائمة قناعاته الداخلية عن الطيبات .
هذه الأدلة المذكورة فضلاً زائداً عن كراهة كثير من المدخنين لهذه العادة حتى سمعنا من يسبه ويلعنه .. وعن الإحصائيات الهائلة لضحايا التدخين يومياً في العالم .. وتحذير الهيئات الصحية والاجتماعية من تعاطي هذه الآفة السيئة .
وإن كنت سأترك لكم أيها الإخوة الأعزاء أعضاء المنتدى إيراد الأدلة الشرعية من الكتاب أو السنة لمن أراد أن يشاركنا في هذا الموضوع ..
فإنني استبيحكم العذر أن أعرج سريعاً على أسباب تعاطي التدخين لعل الله أن ييقظ قلوباً غافلة فتعود إلى رشدها فتسترد ما سلبه الشيطان منها ..
ولعل أعظم سبب لتعاطي التدخين هو ضعف الإيمان والمراقبة لله تعالى عند المدخن ولو أن المدخن استشعر قول الله تعالى " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله " وتذكر أن هذا اليوم الذي يأمرنا الله تعالى أن نعد له التقى من الآن سوف يسأل فيه عن ماله فيما أنفقه وعن شبابه فيما أفناه .. لو استشعر هذا لكان حرياً به أن يحاسب نفسه قبل أن يقف ذاك الموقف العظيم
وثاني الأسباب : رفقاء السوء .. وكم يعجبني ذلك المثل البلدي الذي يقول " لا تمش مع الهافي يهفيك ويضع ما فيهو فيك "
وأنتم تعلمون أن صاحب السوء كنافخ الكير لن تجد منه إلا ريحاً كريهاً .. أو جمراً ملتهباً ..
ومن الأسباب كذلك : كثرة ارتياد الأماكن التي يكثر فيها المدخنون .. كالمقاهي والاستراحات والنفس ضعيفة . تقع أحياناً من أول وهلة
ومن الأسباب : الفهم الخاطئ عند بعض الشباب وخاصة المراهقين أن التدخين يمثل سمة رائدة من سمات الرجولة .. وليس كذلك ولكنه الجهل المركب
ومن الأسباب : غياب الوعي والقدوة في بعض البيوت أو بعض المجتمعات أو حتى بعض المدارس . ما يجعل وقوع الشباب في مثل هذا المنزلق . أمراً سهلاً
والأسباب كثيرة . ولكنني أروم الإختصار .. وأترك المجال واسعاً لمن أراد أن يضيف شيئاً للموضوع ينفع الله به من قدر له أن ينتفع
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعاً وأن يهدينا إلى سواء السبيل