عرض مشاركة واحدة
قديم 02-12-2010, 01:49 AM   #3
سعدالقرني
 

سعدالقرني سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفايةسعدالقرني سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي رد: العبية الجاهلية والكفاءة وفصل الاسلام فيهما


يقول الشاعر من مجمع الحكم والامثال :

لعمُركَ ما الإِنسانُ إِلا بدينــــهِ ---- فلا تتركِ التقوى اتكالاً على النَّسَبْ
فقد رفعَ الإسلامُ سلمانَ فارسٍ ---- وقد وَضَعَ الشِّرْكُ الشريفَ أبا لهب

يقول أبو العتاهية:

أَلاَ إنّما التَّقْوَى هو العزّ والكَرَمْ ---- وحُبُّك للدّنيا هو الفقر والعَــــــــــدَمْ
وليس على عبدٍ تَقِيٍّ نقيصــــــةٌ ---- إذا صحّح التّقوى وإِن حاك أو حَجْم

ولما فاخر أبا العتاهية رجل من كنانة، واستطال الكناني بقوم من أهله، قال أبو العتاهية:

دَعْنَي من ذِكْرِ أبٍ وجَـــــــــدِّ ---- ونَسَبِ يُعْلِيكَ سُورَ المجدِ
ما الفخرُ إلا في التُّقَى والزُّهدِ ---- وطاعةٍ تُعطي جِنَان الخُلْدِ


ويقول الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الفضل أنه بالعلم وليس بالعصبية والتفاخر الاعمي الجاهلي:

الناس من جهة التمثيل اكفـــاء ---- أبوهم آدم والأم حــــــــــــــواء
نفس كنفس وأرواح مشاكلــــة ---- وأعظم خلقت فيها وأعضـــــاء
وإنما أمهات الناس أوعيـــــــة ---- مستودعات وللأحساب آبـــــاء
فأن يكن لهم من أصلهم شـرف ---- يفاخرون به فالطين والمــــــاء
ما الفضل إلا لأهل العلم انهــم ---- على هدى لمن استهـــدى أدلاء
وقيمة المرء ما قد كان يُحسـنه ---- والجاهلون لأهل العلم أعــــداء
فقم بعلم ولا تطلــب به بــــدلا ---- فالناس موتى وأهل العلم أحيـاء

ويقول رضي الله عنه في أبيات أخرى:

لكل شيء زينة في الورى ---- و زينة المرء تمـــــام الأدب
قد يشرف المرء بآدابـــــه ---- فينا و إن كان وضيع النسب


ولعل أبلغ الاداب في هذا الجانب هي سورة الحجرات التي كان يسميها المفسرون بسورة الاداب لان الله أنزلها ووضع الاداب فيها عندما أتى الاقرع بن حابس وأراد أن يقابل الرسول صلىالله عليه وسلم وكان الاقرع بن حابس من البادية من أجلاف العرب فأخذ يصيح بصوت عال يا محمد ولم يتأدب مع رسول الله فأنزل الله قوله (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون) ، بين الله أن هذه الفئة لاتعقل ولو أنهم صبروا لكان خيرا لهم ، فهذه الايات القرآنية الكريمة بها من البلاغة ونبذ دعاوي للغيبة والنميمة والجاهلية ومايفرق بين المسلم وأخيه وأوامر الله ونهيه صريحة وواضحة يقول سبحانه:

(إِنما المؤمنون إِخوة فأَصلحوا بين أَخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون . يا أَيها الّذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أَن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أَن يكن خيرا منهن ولا تَلمزوا أَنفسكم ولا تنابزوا بالألقَاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لّم يتب فَأُولَئك هم الظالمون . يا أَيها الذين آمنوا اجتَنبوا كَثيرا من الظن إِن بعض الظن إِثْم ولا تجسسوا ولا يغتَب بعضكم بعضا أَيحب أَحدكم أَن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إِن الله تَواب رحِيم . يا أَيها الناس إِنا خلقْناكم من ذَكر وأنثَى وجعلناكم شعوبا و قَبائل لتَعارفوا إِن أَكرمكم عند الله أتقاكم إِن الله عليم خبِير . قالت الأَعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أَسلمنا ولما يدخل الإِيمان في قلوبِكم وإِن تطيعوا اللّه ورسولَه لا يلتْكم من أعمالِكم شيئا إِن الله غفور رحيم . إِنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأَموالهم وأَنفسهم في سبِيل الله أُولئك هم الصادقون . قل أَتعلِمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأَرض والله بِكل شيء عليم . يمنون عليك أن أَسلموا قل لا تَمنوا علي إِسلامكم بل الله يمن عليكم أَن هداكم للإيمان إِن كنتم صادقين . إِن الله يعلم غيب السماوات والأَرض والله بصير بما تعملون)

يوضح الله في هذه الايات الكريمة أن المؤمنين إخوة بالايمان والدين وليس بالنسب والعصبية المنبوذة ، وأنه يجب أن يصلح المؤمنون بين أخوانهم ويتقوا الله عسى أن يغفر لهم ، ثم ينهى ويحرم سبحانه أن لايسخر قوم من قوم آخرين سواء كانوا أدنى منهم أو بهم عيبا ولايحتقرونهم ولا نساء يسخرن بنساء يرونهم أدنى منهن فلعل هؤلاء المحتقرين أعظم قدرا عند الله من وأخير ممن يسخرون ، ونهي وحرم كذلك اللمز وهو النميمة والطعن والاستهزاء بالاشارات أو بإسلوب مبطن ، ونهى كذلك عن التنابز بالالقاب والمعايرة ، وأن أي نسب مهما اعتلا أو قبيلة كانت ذات صيت فبئس فخرها واسمها اذا فسقت وذلك بفخرها اذا لم تعتقد ان الايمان هو فخر كل شيء وهو ساس المفاضلة ، ثم يقول الله ومن لم يتب فأوئك هم الظالمون ، وقد قال تعالى عن الظالمون (إن الله لايهدي القوم الظالمين).

ثم ينهى سبحانه عن التجسس والظن السيء وعن الغيبة التي شبهها سبحانه بفظاعتها كالذي يأكل لحم أخ له وهو ميت ، ثم يأمر الناس بتقواه إنه هو التواب الرحيم على عباده.

ثم يوضح الله سبحانه أنه خلق البشر من ذكر وأنثى وجعلهم شعوبا وقبائل ، والشعوب هي القبائل العظام والقبائل هي البطون كما جاء في صحيح البخاري يقول في كتاب المناقب حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا)، قال:الشعوب القبائل العظام والقبائل البطون . ثم يكمل سبحانه أنه خلقهم ليتعارفوا ، وليس ليتعالى بعضهم على بعض أو يتعصب بعضهم على الاخر أو يطعنون بأنساب بعض ، بل ليتعارفوا من مسألة نسبهم ويصلوا أرحامهم وهذه هي الغاية التي أوجدها الله من النسب.

ثم يتكلم الله عن الاعراب وهي البادية بأنهم يقولون أنهم آمنوا بالله وطبقوا ما أتى به الله ، ويرد عليهم سبحانه بأنهم لم يؤمنوا بل أسلموا وأنهم لم يدخل الايمان في قلوبهم لانهم يقولون ذلك بالكلام الظاهر ولايطبقونه في قلوبهم ويؤمنوا به ، ويخبرهم سبحانه أنه إن أطاعوه لاينقصهم شيئا من أجورهم وأعمالهم وأنه غفور رحيم لمن تاب منهم وأناب.

ثم يخبر الله بأن المؤمنون هم الذين آمنو بالله ورسوله وأخذوا بما أتى الله به والرسول وفهموه وطبقوه وانتهجوه ولم يرتابوا ، اي لم يتزلزوا ويتشككوا وثبتوا على حال واحدة وهي التصديق المحض ، وكذلك جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وليس في العصبية والقومية ، وبذلوا نفائس أموالهم في طاعته ورضوانه أولئك هم الصادقون الذين صدقوا في إيمانهم ليس كالاعراب الذين ليس لهم من إيمانهم الا الكلمة الظاهرة .

ثم يقول سبحانه أتعلمون الله بدينكم أي تخبرونه بما في ضمائركم والله يعلم مافي السموات والارض ولايخفي عليه مثقال ذرة في الارض ولا في السماء وانه بكل شيء عليم.

ثم يقول تعالى يمنون عليك أن أسلموا ، يعني الاعراب الذين يمنون بإسلامهم يخبرهم أن لاتمنوا بإسلامكم فإن ذلك يعود نفعه عليكم ولله المنة عليكم فيه بأن هداكم للايمان إن كنتم صادقين في دعواكم ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للانصار يوم حنين (يا معشر الانصار ألم أجدكم ضلال فهداكم الله بي؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي؟ ، وكلما قال شيئا قالوا الله ورسوله أمن. ثم يختم الله هذه السورة بأنه يعلم غيب السموات والارض وانه بصير بما يعمل العباد مهما أخفوا في ضمائرهم.

وروى في الحديث الصحيح للبخاري حدثنا ‏علي ‏‏حدثنا ‏سفيان ‏ ‏قال ‏ ‏عمرو ‏ ‏سمعت ‏ ‏جابر بن عبد الله ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال‏ ‏كنا في غزاة ‏قال ‏‏سفيان مرة في جيش ‏فكسع ‏‏رجل من ‏ ‏المهاجرين ‏ ‏رجلا من ‏ ‏الأنصار ‏ ‏فقال الأنصاري يا ‏ ‏للأنصار ‏ ‏وقال المهاجري يا ‏ ‏للمهاجرين ‏‏فسمع ذلك رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقال: "‏ ‏ما بال دعوى الجاهلية " قالوا يا رسول الله ‏ ‏كسع ‏‏رجل ‏ ‏من ‏ ‏المهاجرين ‏ ‏رجلا ‏ ‏من ‏ ‏الأنصار ‏ ‏فقال: " دعوها فإنها منتنة " فسمع بذلك ‏‏عبد الله بن أبي ‏ ‏فقال فعلوها أما والله لئن رجعنا إلى ‏ ‏المدينة ‏ ‏ليخرجن الأعز منها الأذل فبلغ النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فقام ‏ ‏عمر ‏ ‏فقال يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏دعه لا يتحدث الناس أن ‏ ‏محمدا ‏ ‏يقتل أصحابه وكانت ‏ ‏الأنصار ‏ ‏أكثر من ‏ ‏المهاجرين ‏ ‏حين قدموا ‏ ‏المدينة ‏ ‏ثم إن ‏ ‏المهاجرين ‏ ‏كثروا بعد ‏.

والحديث صريح على نتانة العصبية المقيتة الظاهرة في أكثر الردود التي لا تستند على قاعدة شرعية بل على تقاليد وأعراف مقيتة مجيفة. وروي في صحيح مسلم حدثني محمد بن المثنى، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن، جابر حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي، أنه سمع أبا إدريس الخولاني، يقول سمعت حذيفة بن اليمان، يقول كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر قال"‏نعم"‏فقلت هل بعد ذلك الشر من خير قال ‏"‏نعم وفيه دخن"‏.‏قلت وما دخنه قال "‏ قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر"‏.‏فقلت هل بعد ذلك الخير من شر قال ‏"‏ نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ‏"‏.‏فقلت يا رسول الله صفهم لنا ‏.‏ قال ‏"‏ نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ‏"‏.‏قلت يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك قال ‏"‏ تلزم جماعة المسلمين وإمامهم ‏"‏ ‏.‏ فقلت فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام قال ‏"‏ فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"‏.‏
لننظر كيف كان الصحابة في السابق ، يخافون أن تذهب نعمة الايمان وأن تدركهم الشرور والفتن فهذا حذيفة بن اليمان يقول خير وفيه دخن ، وهو قوم يستنون بغير سنتي ويهتدون بغير هدي ، وهذا أحد أفرعها هذا الخير الذي فيه دخن التقاليد والاعراف المقيتة التي نفضلها على قول الله وسنة نبيه ، ثم يقول وبعدها شر يعقبه ويظهر أناس يدعون للباطل وهم دعاة إلى جهنم ، وأن هؤلاء الناس والقوم هم منا أي من بيئتنا وقبائلنا يتحدثون بألسنتنا أي بلسان الدين ليلبسوا الحق بالباطل ، وبين رسول الله أن المؤمن يعرف ذلك منهم وينكر ماهم عليه ، وعليه أن يلزم جماعة المسلمين حتى لا يحرفونه عن الحق وإذا لم يكن للمسلمين جماعة فعليه باعتزال الناس ولو يعض على شجرة ويبقى على الحق بأتباع قول الله وسنة نبيه وهديه حتى يدركه الموت وهو على ذلك ، وهذا الحديث صورة وعبرة لما نراه اليوم وكأنه يصور مايحدث اليوم من ترك للسنن وإتباع للاهواء والاعراف للكثير من الناس فاعتبروا يا اولي الالباب.

وجاء في صحيح مسلم عن العصبية الجاهلية حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا جرير، - يعني ابن حازم - حدثنا غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رياح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏"‏ من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاش من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه ‏"‏

ومن سنن الترمذي ، ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن بشار ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو عامر العقدي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏هشام بن سعد ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن أبي سعيد المقبري ‏عن ‏‏أبي هريرة ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال "‏ ‏لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من ‏ ‏الجعل ‏ ‏الذي ‏ ‏يدهده ‏ ‏الخراء بأنفه إن الله قد أذهب عنكم ‏ ‏عبية ‏ ‏الجاهلية وفخرها بالآباء إنما هو مؤمن تقي وفاجر شقي الناس كلهم بنو ‏ ‏آدم ‏ ‏وآدم ‏ ‏خلق من تراب".

فالفخر هنا بالاباء والاحساب منهي عنه والحديث صريح في العقوبة لمن يفتخر ويتعالى ويتكبر على غيره بالفخر المقيت المنهي عنه ، ورد في سنن إبن ماجه حدثنا هناد بن السري، حدثنا ابو الاحوص، عن عطاء بن السائب، عن الاغر ابي مسلم، عن ابي هريرة، قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏"‏ يقول الله سبحانه الكبرياء ردائي والعظمة ازاري من نازعني واحدا منهما القيته في جهنم ‏"‏
فكان الجزاء النار لانه نازع الله في صفة من صفاته جل وعلا شأنه.ويصور أحد الحكماء وضع المتكبر ، كاللذي يقف على قمة جبل عالي ، فيرى الاخرين صغارا ويروه صغيرا.


يتبع



سعدالقرني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس