[متعب البحيري]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة،
في الحقيقة أشكر لك عزيزي م ح البحيري هذه اللفتة الحانية على اخوانك المسلمين ممن همّ الرحيل للقاء الله عز وجل في الشهر القادم وإني من هذا المنطلق وتقديراً لمن يؤيد حج هذا العام لأرجو لهم التوفيق والفلاح وأن يكفيهم شر البلاء والمصاب إنه ولي ذلك والقادر عليه،
في الواقع يا استاذي الكريم أنني لا اؤيد بصدق مسارعة الناس لإتمام حج هذا العام لاسيما إذا ما اكدت الجهات المعنية بهذا الامر أن الازدحام الذي سيحل بمنى أو غيرها من الأماكن المقدسة بيئة مناسبة لتناقل العدوى بين المسلمين من شتى بقاع الأرض، ذلك أن صيانة النفس البشرية أصل من اصول الشريعة الاسلامية ولقد قال الامام العز بن عبدالسلام في ذلك "صحة الابدان مقدمة على صحة الأديان" ولا أرى من علم بالمفسدة التي ستتبع اتمام هذا الحج إلا كمن ألقى بنفسه في التهلكة معللاً ذلك بقدر الله وقال الله "ولا تلقوا بأيديكم إلا التهلكة"، ولعل من الحاجة أن نلفت النظر لقصة امير المؤمنين وصحابته حينما هموا المسير إلى الشام ولما سمعوا أنتشار الطاعون بها توقف عمر رضي الله عنه، ذلك المؤمن بقضاء الله وقدره، ومنع اصحابه من المواصلة، فقال ابو عبيدة: افراراً من قدر الله يا امير المؤمنين، فقال عمر: لو غيرك قالها يا ابا عبيده، ثم قال "نعم" ويا ليتنا نقولها اليوم، قال "نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو أن لك إبلا هبطت واديا له جهتان: إحداهما خصيبة، والأخرى جديبة، أليس لو رعيت في الخصيبة رعيتها بقدر الله، ولو رعيت في الجديبة رعيتها بقدر الله؟!" بل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "لا يوردن ممرض على صحيح" وعلى هذا استند الشيخ الموقر يوسف البدري عضو مجلس الشؤون الاسلامية بالقاهرة مذكراً بأن ذات الحادثة حدثت في التاريخ القديم وقد توقفت مناسك الحج نظراً لانتشار الاوبئة آنذاك، ولعلكم يا اعزاء تعجبون كيف ينظر السواد الاعظم من المسلمين لهذا البلاء فأغلبهم يقول: إن هذا البلاء ما هو إلا امتحان من الله عز وجل يريد به قياس مدى ايمانهم به، أغلبهم للأسف يخلقون لنا فتنة مؤدلجة، ولم يُلفت النظر ولو بالقليل إلى رحمة الله بعباده ولربما اراد أن يكفى عباده تجشم مشقة ذلك العام وأراد بذلك أن يجازي كل قاصدٍ له حجة كاملة من فضله العظيم، ولا ننسى أن ننذكر أيضاً بأن ثمة أخوة مسلمين عجّلوا بالمشاركة في حج هذا العام ما إن سمعوا بهذا الداء أملاً في أن يموتوا وهم حجاجاً حتى وإن كلفهم ذلك قذف أنفسهم في دائرة التهلكة أو رمياً بأنفسهم من على السطوح بمكة أو دفع ابدانهم في اماكن الاحتشاد كما تعلمون، ونحن بهذة المطالبة نساهم بطريقة أو بأخرى على القضاء على ارواحهم، ففي نظرتي الخاصة التي تعنيني ولا تعني احدٌ من الناس: "إن لم يضمن أهل الاختصاص ضماناً صارماً بأن الحد من انتشار هذا البلاء سيتم بشكل فعال باستخدام المصل المضاد لهذا المرض، فإنني أبريء إلى الله من أن اتسبب في القضاء على روح اخ مسلم إما بتشجيع أو تحفيز دعوي، وإن كان اللقاح يحد من خطورة الداء أو اتخاذ اجراءات سليمة وقائية كالكمامات وغسل اليدين تضمن حماية المسلم فإن على كل مسلم المسارعة للاتمام حق الله عليه، هذا وصلى اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
ومضة: قال الرسول الاكرم صلى الله عليهم وسلم "إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوا عليه وإذا وقع وأنتم بأرض فلا تخرجوا فراراً منه"

صورة للوحة زيتية من مقتنيات متحلف اللوفر تصور الطاعون الذي ضرب فرنسا في عام (1594-1665)م