11-12-2009, 02:45 AM
|
#1
|
|
|
من قلب اليمن صالح مطر يعطيكم الصورة الحقيقية
في البداية أقدم خالص تحياتي لجميع أعضاء منتدانا الغالي. كما أعبر عن عظيم فخري وشرفي بالانتساب إليه ، و لا أجد أي عبارة اعتذار كافية أقدمها لهذا المنتدى ولأعضائه عن انتسابي المتأخر مع أني من المتابعين بشكل يومي لكل ما يكتب فيه. أما ما جعلني أجد نفسي مرغما للكتابة عنه هو الأحداث الدائرة في جنوب وطننا الغالي و الصراع القائم مع الحوثيين. وقد قرأت ما كتب في هذا المنتدى وغيره عن ذلك. ولكني أجد أنه من واجبي أن أنقل لكم الصورة الحقيقية ( من قلب اليمن ) حيث أتواجد الآن كأحد منسوبي سفارة خادم الحرمين الشريفين بصنعاء ، و عضو البعثة التعليمية السعودية هناك. وكون طبيعة عملي تقتضي التعامل بشكل يومي مع عامة الشعب اليمني بمختلف فئاته بما في ذلك الحوثيين.
لن أطيل مقالي بالحديث عن الحوثيين من حيث مرجعيتهم الدينية ، و أصولهم التاريخية وطائفيتهم وغير ذلك مما تعرفونه جيدا و يسهل الحصول عليه، بل سأنقل لكم الصورة الحقيقة و الواقعية لهم هنا اليوم. فمنذ اندلاع الاشتباك المسلح بين الجيش اليمني و الحوثيين أعقاب تمردهم الغير مبرر و خيانتهم العظمى لدولتهم. و انحيازهم لجهات أجنبية، و تشبثهم بوعودهم الواهية، بدأ نزوح الكثير من القبائل االقاطنة في محافظة صعدة ( أكبر معاقل الحوثيين في اليمن ) سواء من الحوثيين او غيرهم ، وتزايدت أعدادهم في المحافظات الأخرى ، فأصبحنا نراهم بكثرة في كل مكان – نعرفهم بمظهرهم المميز وطريقة صلاتهم – و تعلمون أخواني أن الأطراف المتصارعة دائما ما تستغل النزوح واللجوء أثناء الحرب بالزج بآلاف العملاء المندسين بين النازحين. وهذا ما نلمسه و نعايشه معهم هنا. فلنا من الحوثيين زملاء نعمل معهم، و آخرون نشرف على تدريبهم بالاضافة إلى الطلاب، فمنهم المعتدلون وكثيرهم متطرفون نرى في أعينهم التربص و سوء النوايا. و أغلبهم يدركون أنهم أقحموا أنفسهم في حرب خاسرة لا طاقة لهم بها، بل وجدوا أنفسهم طرفا فيها – طوعا أو كرها – فعمدوا إلى الإفساد في الأرض و إهلاك الحرث و النسل وترويع الآمنين، وقهر المساكين بغية الحصول على تعزيزات عسكرية بشرية، في أبشع صور اللاإنسانية واللاأخلاقية. فأصبحنا نسمع أن القصار من الأطفال و النساء هناك يحملون السلاح بجميع أنواعه ( الأبيض – الناري – الاوتوماتيكي و حتي الثقيل ) مدعومين من جهات مجهولة. وتبذل القوات اليمنية المسلحة هنا قصارى جهدها في سبيل تضييق الخناق عليهم و قطع خطوط الإمداد عليهم، يساندها في ذلك شباب القبائل المدنيين الذين تركوا أعمالهم و حملوا السلاح، وانخرطوا متطوعين في صفوف الجيش اليمني. و الحق يقال بأن عامة الشعب اليمني الشقيق يكنون للسعوديين جل الاحترام و التقدير.
أما ما حصل من الحوثيين من محاولة التطاول على الحدود السعودية، فهو التغرير الحقيقي بهم، ومحاولة بائسة منهم لنقل موقع الصراع وجر المنطقة إلى حرب ميليشيات وبالتالي حرب استنزاف طويلة الأجل. متناسين أن الجيش السعودي بفضل الله لم يدخل حربا قد إلى وخرج منتصرا بفضل الله. ولن يستطيعوا هو أو غيرهم أن ينالوا من بلد اختاره الله من فوق سبع سموات أن يكون بلدا آمنا.
أما عن وضعنا هنا كرعايا سعوديين، فأننا نعيش حياتنا الطبيعية هنا ونمارس أعمالنا بدون خوف، مؤمنين بالهدف السامي الذي أرسلتنا من أجله حكومتنا الرشيدة وهو تمثيل وطننا الغالي ونشر ثقافتنا. ولأن أعمالنا هنا تتطلب تواجد ميداني دائم فإننا نتنقل بين المدن و المحافظات اليمنية بسياراتنا الخاصة و التي تحمل لوحات سعودية رغم إدراكنا لما قد يسببه ذلك من مخاطر في ظل الوضع الراهن، وكل ما زاد الوضع سوءا زادنا ذلك تمسكا و فخرا بهويتنا السعودية، واستشعارا لشرف ونبل المهمة التي أسندها إلينا وطننا الغالي، عازمين على إكمال المسيرة مهما كلف الأمر. وأرى أن ذلك شرف قد كتبه الله لي للمرة الثانية التي أعيش فيها مثل هذا الوضع. فقد عاصرت السنوات الجحيمية التي عاشها الرعايا السعوديون في أمريكا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أثناء دراستي هناك. فلازلت أذكر جيدا الساعات الطويلة التي كنا نقضيها في غرف التحقيق في مطارات أمريكا، وتلك المعاملة السيئة والألفاظ البذيئة من موظفي دوائر الهجرة الأمريكان، و أساليب التفتيش المتعددة التي كنا نتعرض لها، لا لجرم اقترفنها سوا أننا نحمل بكل فخر نحمل الجنسية السعودية. وكان كل ذلك يزيدني اعتزازا بوطني الغالي.
أخواني أعضاء المنتدى وزواره ، دعوة صادقة منكم لوطننا الغالي بالحفظ . و دعوة أخرى لجنودنا البواسل بالنصر، و دعوة ثالثة لنا نحن هنا بالسلامة و العودة إلى أرض الوطن.
وأعتذر للإطالة
محبكم أخوكم
صالح مطر القرني ( أبو ميس )
سفارة خادم الحرمين الشريفين
البعثة التعليمية السعودية
صنعاء
|
|
|