السلام عليكم :
أما فيما يتعلق بلعن الفساق .. فقد أورد الأخ متعب البحيري الأدلة الصريحة والصحيحة على عدم جواز ذلك ..
وأزيدكم من الشعر بيت من العلماء من يرى بعدم جواز لعن إبليس فكيف بلعن المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله ..
وهاكم هذه الفتوى لابن عثيمين :
مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : متفرقه
السؤال: أحسنتم سؤالهم الثاني يقولون فيه في لغتنا الدارجة في كل لسان بلوى وهي بلوى الشتيمة مثلاً اللعنة فمثالاً لذلك يقول الإنسان لعن الله والدين إبليس أو والدين الشيطان فما هو رد سماحتكم على هذا وشكراً؟
الجواب
الشيخ: ينبغي للإنسان أن يمرن لسانه على الكلمات الطيبة المثمرة النافعة وأن يتجنب جميع السباب والشتائم حتى فيما يجوز له أن يفعله من السباب والشتائم فإنه لا ينبغي إطلاق لسانه فيها فكيف في الأمور التي لا خير له فيها مثل لعن إبليس أو والدي إبليس أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا ينبغي بل إن الذي ينبغي أن يتعوذ الإنسان بالله من شر الشيطان فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأما لعنه وسبه فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أن ذلك مما لا ينبغي لأننا أمرنا عندما ينزغ الشيطان الإنسان فإنما أمرنا بالاستعاذة بالله منه وأما إذا دعونا عليه فإنه قد يربأ بنفسه يعني يزداد يربو بنفسه ويزداد وأما الاستعاذة بالله منه فهي إهانةٍ وإذلالٍ له فهذا هو المشروع أن يستعيذ الإنسان بالله من الشطان الرجيم ولا يلعن الشيطان وأبو الشيطان.
ولي كذلك استدراك على الأخ متعب البحيري في تفسير آية سورة المائدة : ( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ............. الآية )
فقد كان السؤال منهياً أيام نزول القرآن ولو قرأت الآية تجد أن الله تعالى يقول فيها ( وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدا لكم )
فسبب المنع خشية أن ينزل حكماً قرآنيا في مسألة تشق على المؤمنين ..
أما بعد نزول القرآن وانقطاع الوحي فالواجب على المسلم أن يحيل القضايا الشرعية لإهلها .. وأن يكتفي بالتقليد .. الذي يعد أصلاً من أصول الفقه ..
أما استنباط الأحكام .. فهذا خاص بالمجتهد .. وقد وضع الفقهاء أكثر من أربعة عشر شرطاً يجب تحققها في المجتهد ليصبح مؤهلاً للإجتهاد والإستنباط .. أذكرلكم بعضها ..
أن يكون حافظاً لآيات الأحكام الواردة في القرآن والتي تصل إلى خمسمئة آية .. وأن يكون عارفاً بالناسخ والمنسوخ من الأحاديث والآيات .. وأن يكون عالماً بمواقع الإجماع .. حتى لا يخرق الإجماع باجتهاده ...
فمن هو الذي يجد منا في نفسه ولو شرطاً من هذه الشروط رغم أن هناك شروط أخرى لم أوردها للإختصار
أقول لك هذا أخي الحبيب .. لتعلم أننا عندما نطالب بإحالة الأمور الشرعية لإهلها .. فإننا نقول ذلك خوفاً على أنفسنا من الهلاك ..
بأن نقول في الدين بما لا نعلم ....
فالواجب أن نسأل أهل الذكر وأهل العلم عن المسائل الفقهية والشرعية وليست الآية أيها الحبيب دليلاً على أنه ينبغي أن لا نكثر من الأسئلة .. فكما قلت لك .. الآية تحكي واقع الصحابة أيام نزول القرآن ..
ولا أخفيك أيها الحبيب أن المنهج الصحيح لأمثالنا .. أن ننهج منهج التقليد .. ولك أن تقلد الأكثر علماً أو الأكثر ورعاً وللعلماء فيها كلام .. متى ما تساوى الجميع في الأدلة
وأن لا ننكر على من يتبع قولاً آخراً غير الذي نتبعه ...
أقول لك هذا أيها الحبيب .. إعلاماً مني أن مسألة الاجتهاد في المسائل الفقهية بحجة أني أحفظ حديثاً أو آيه ليس صحيحاً .. فقد يكون الحديث منسوخ أو مخصص بحديث آخر وكذلك الآيات .. إذا تبغون نصيحتي أيها الشباب .. قلدوا العلماء .. وريحوا أنفسكم ...
ومن العجيب أن علماء أصول الفقه .. عرفوا التقليد أنه من القلادة فالقلادة تحيط بعنق المتقلد .. وكذلك المقلد يطوق المجتهد وزره إن غشه أو خانه ..
وقد وقفت على فتوى لفضيلة الشيخ ابن عثيمين عن معنى الآية ..على أن معناها موجود في كتب التفسير ولكني أحببت أن أورد لكم الفتوى للفائدة ...
ولا تظن أخي العزيز أني أتعالى عليك عندما أقول لك هذا الكلام .. والله ثم والله ثم والله .. إني أخاف عليك وعلى كل الشباب من الهلاك كما أخاف على نفسي .. ولذلك لو تلاحظ أنني دائماً أشدد على هذه القضية .. قضية ترك الأحكام الشرعية لأهل العلم والإجتهاد ... تأكد حبيبي أني أحبك في الله وأني لا أحمل لك إلا الود والإحترام والتقدير
طبعاً قد يقول القائل أني أطلت الحديث وخرجت عن صميم الموضوع .. فأقول لكم أيها الأحبة والله ما فعلت هذا إلا لأني أعلم أنه لوكان الأمر يحتمل أن يقول كلاً منا رأيه في القضيا الشرعية بحجة أن الآية يبدو في ظاهرها أنها تمنع العبد من كثرة الأسئلة لهلكنا
وعموماً هذه فتوى ابن عثيمين حول معنى الآية ..
مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : التفسير
السؤال: سائل يستفسر عن الآية الكريمة في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)؟
الجواب
الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي الله وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين يعجبني مثل هذا السؤال أعني السؤال عن آيات الله عز وجل وذلك لأن القرآن الكريم لم ينزل لمجرد التعبد بتلاوته بل نزل للتعبد بتلاوته وتدبر آياته وتفكر معانيه وللعمل به واسمع إلى قول الله عز وجل (كتابٌ أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) فيعجبني ويسرني أن يعتني المسلمون بكتاب الله عز وجل حفظاً وفهماً وعملاً وأنا أشكر الأخ السائل على هذا وأمثاله فنقول في جوابه تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم) هذه الآية نزلت مخاطباً الله بها من كانوا في عهد النبوة الذي هو عهد التحليل والتحريم والإيجاب والحل فإنه ربما يسأل الإنسان في عهد النبوة عن شيء لم يحرم فيحرم لمسألته أو عن شيء ليس بواجب فيوجب من أجل مسألته فلهذا قال الله عز وجل تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفورٌ حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين) ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبائهم) أما بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فليسأل الإنسان عن كل ما أشكل عليه بشرط أن لا يكون هذا من التعمق في دين الله عز وجل فإن كان من التعمق والتنطع فإنه منهيٌ عنه لأن التعمق والتنطع لا يزيد الإنسان إلا شدة فلو أراد الإنسان أن يسأل عن تفاصيل ما جاء عن اليوم الآخر من الحساب والعقاب وغير ذلك وقال كيف تعاقب الإنسان هل هو قائم وإلا قاعد وما أشبه ذلك من الأسئلة التي ليست محمودة فهنا لا يسأل أما شيء مفيد ويريد أن يستفيد منه فليسأل عنه ولا ينهى عن السؤال
نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى.