الموضوع: تكريم الإنسان
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2017, 03:19 PM   #3
نورالدين
 

نورالدين سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية
افتراضي رد: تكريم الإنسان

واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا (النساء/ 36) .
ومن هذا المنطلق الرحيم ينطلق الإنسان في تكريم أخيه الإنسان بالإحسان إليه، وحسن الظن به، وحسن معاملته، والتعامل معه بالرقة والشفقة والتسامح، والتواصي بالحق وبالمرحمة مصداقا لقوله تعالى:
ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة (البلد/ 17) ، وفي دائرة التواصي بالحق تدخل النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي دائرة المرحمة يدخل الفضل والتناصر والتعاون على البر والتقوى، وبهذه الأمور يتحقق تكريم الإنسان لأخيه الإنسان في أروع صوره وأبهى حلله وما ذلك إلا لأن مبنى حقوق الإنسان التي أمرنا أن نتواصى بها قائمة على أن الإنسان مكرم لتكريم الله تعالى له، ومنحه إياه ذلك، وذلك التكريم يرتبط بعبودية الإنسان لربه وإيمانه به «1» .
وبهذا الرباط الإيماني يعد المسلمون جميعا إخوة في الدين، قال تعالى: إنما المؤمنون إخوة (الحجرات/ 10) ، وهذه الرابطة الإيمانية تفرض على كل منهم الالتزام بعدل الإسلام وسماحته، والبر بالناس جميعا حتى ولو خالفونا في الرأي أو العقيدة ويقول الله تعالى: ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى (المائدة/ 8) .
إن حقوق الإنسان مرتبطة بأداء ما عليه من واجب، وبقدر ما يلتزم من مسئولية إزاء حقوق الاخرين، وقد جعل الإسلام للحرية الشخصيةحدودا لا ينبغي تجاوزها تلك حدود الله فلا تعتدوها (البقرة/ 229) ، وقال عز وجل: إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم (الشورى/ 42) ، وبهذا فإن الحرية الإسلامية ليست اتباعا للهوى أو جريا وراء الشهوات وتحقيق المكاسب المادية بالحق أو بالباطل، يقول الله تبارك وتعالى: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (القصص/ 50) ، وقال عز وجل: ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا (الكهف/ 28) ، بل على العكس من ذلك على الإنسان أن يتبع شريعة الله الحاكمة، قال تعالى: اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون (الأعراف/ 3) ، وكما نهى الإسلام الإنسان عن أن يتبع هواه في الحكم على حقوق الاخرين فإنه نهي أيضا عن اتباع هوى الغير من الضالين المضلين، قال تعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون* أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون (المائدة/ 49- 50) .
تكريم المرأة

لقد اتخذ تكريم المرأة في الإسلام صورا عديدة ومظاهر متنوعة منها على سبيل المثال:
1- ضرورة المحافظة على حياتها، وقد جاء ذلك عندما نعى القرآن الكريم على عرب الجاهلية ما كانوا يقدمون عليه من وأدهن «1» .
يقول تعالى: وإذا الموؤدة سئلت* بأي ذنب قتلت (التكوير/ 8- 9) ، وقد وسم القرآن الكريم هؤلاء الجاهلين بسوء حكمهم وخطأ تقديرهم عند ما كانوا يشعرون بالهوان ويتوارون من الخجل عندما يرزق أحدهم بالبنت فقال عز من قائل: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم* يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون (النحل/ 58- 59) ، ويستنكر إليه مثل هذا التصرف بقوله تعالى: قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم (الأنعام/ 140) .
2- إعطاؤها الحق كاملا في ممارسة العبادة والحصول على الأجر العظيم والمغفرة من الله عز وجل إن هي فعلت ما أمر الله تبارك وتعالى به، مصداق ذلك قوله تعالى: إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما (الأحزاب/ 35) .
3- يسر الإسلام السبيل أمام المرأة لتتفرغ لأجل مهمة في الحياة وهي حفظ النسل والقيام عليه بالرعاية والتعليم والتربية والتهذيب وهي كما قال الشاعر:
هي الأخلاق تنبت كالنبات ... إذا سقيت بماء المكرماتتقوم إذا تعهدها المربي ... على ساق الفضيلة مثمرات ولم أر للخلائق من محل ... يهذبها كحضن الأمهات «1»
وحتى تستطيع الأم القيام بهذه المهمة فلا بد من أن يتهيأ لها من يكفل أمر القيام بمعاشها والسعي على رزقها ورعاية مصالحها، ولذلك فقد ارتبطت قوامة الرجال على أمور الأسرة بدرجة الرجولة وبالإنفاق، قال تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم (النساء/ 34) .
4- حق المعاشرة بالمعروف أو المفارقة بالمعروف، يقول الله تعالى: وعاشروهن بالمعروف (النساء/ 19) ، وقال عز وجل: فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف (الطلاق/ 2) .
5- جعل الإسلام للمرأة نصيبا مفروضا في تركة الرجل سواء أكانت هذه المرأة أما أو ابنة أو زوجا أو أختا، وضمن لها بذلك الحق في الحياة الحرة الكريمة في حياة أهلها أو بعد رحيلهم.
تكريم الأقليات في المجتمع الإسلامي

لقد قضى الإسلام قضاء مبرما على كافة أنواع التمييز العنصري القائم على اختلاف اللون أو الجنس، فالأبيض كالأسود والعربي كالعجمي لا يتفاضلون ولا يتمايزون إلا بالتقوى والعمل الصالح، فأكرم الناس أتقاهم كما جاء في الآية الكريمة يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (الحجرات/ 13) .
أما غير المسلم فإنه يعيش مكرما لا يجوز لأحد أن ينتقصه أو ينتهك عرضه أو ماله أو دمه، أو يجبره على ما يكره، قال تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي (البقرة/ 256) ، وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم حاثا على استقرار وتلاحم المجتمع بكافة عناصره:
«من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما» «2» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «ألا من ظلم معاهدا أو انتقص منه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة» «3» .
ومن مظاهر التكريم نهي الإسلام عن التعذيب سواء كان المعذب مسلما أو ذميا، روى عروة ابن الزبير أن هشام بن حكيم وجد رجلا وهو (وال) على حمص يشمس ناسا من القبط في أداء الجزية، فقال: ما هذا؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا» «4» .
ولو لم يعرف هشام أن هذا الوعيد يشمل المعذبين من أهل الذمة كما يشمل المسلمين لما ذكر به الوالي الذي كان يقوم- عن جهل بقواعد الإسلام السمحة- بتعذيب بعض القبط.
[للاستزادة: انظر صفات: الإنصاف- الألفة- بر الوالدين- حسن العشرة- حسن الخلق- حسن المعاملة- صلة الرحم- عيادة المريض- كفالة اليتيم التعاون على البر والتقوى- المواساة- المروءة.
وفي ضد ذلك: انظر صفات: الأذى- الإساءة- الاستهزاء- السخرية- العدوان- عقوق الوالدين- قطيعة الرحم- نكران الجميل- القسوة- الجحود- سوء المعاملة] .
الآيات الواردة في «تكريم الإنسان»

تكريم الإنسان على كثير مما خلق الله تعالى

1-* ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا (70) «1»
2- فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن (15) وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن (16) كلا بل لا تكرمون اليتيم (17) ولا تحاضون على طعام المسكين (18) وتأكلون التراث أكلا لما (19) وتحبون المال حبا جما (20) «2»
تكريم الإنسان في الآخرة

3- إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما (31) «3»
4- إني آمنت بربكم فاسمعون (25) قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين (27) «4»
تكريم الإنسان على إبليس

5- وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا (نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة) قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا (62) «5»
الآيات الواردة في «تكريم الإنسان» معنى



نورالدين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس