فوائد
تعليق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى على صحيح مسلم
لا تضاعف السيئة في مكة مضاعفة كمية ،
لكنها تضاعف مضاعفة كيفية
بالدليل.
من المهم معرفة أقسام السيئة لتعرف كيف حال الإنسان منها.
️ عن ابن عباس ، عن رسول الله فيما يروي عن ربه قال :
( إن الله كتب الحسنات والسيئات . ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة . وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة ) .
تأمل الحسنة قال : ( كاملة ) والسيئة قال : ( واحدة ) سيئة واحدة ، سواء في الحرمين أو في الحل .
وعلى هذا فلا تضاعف السيئة في مكة مضاعفة كمية ، لكنها تضاعف مضاعفة كيفية ، ودليل ذلك قول الله : ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون ) .
وهذه الآية نزلت في مكة لأن سورة الأنعام كلها مكية ، ولقوله تعالى : ( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) أي مؤلم فهي مضاعفة في كيفيتها لا في كميتها .
وبهذا نعرف بطلان ما يروى عن ابن عباس ، أنه خرج إلى الطائف ، وقال لا أسكن مكة ، بلداً حسناته وسيئاته سواء ، فهذا لا يصح عن عبدالله بن عباس ، وهو أفقه من أن يقول مثل هذا الكلام . ص416 ـ 417 .
من هم بالسيئة ولم يعملها ، فالأدلة تدل على أن ذلك أقسام .
القسم الأول : أن يتركها عجزاً عنها ، مع فعل ما قدر عليه منها ، فهذا يكتب عليه إثمها كاملاً كإثم فاعلها ، ودليله قوله النبي : ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار ، قالوا : هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) .
القسم الثاني : أن يتركها عجزاً ، دون أن يفعل الأسباب ، ودون أن يفعل ما قدر عليه منها ، كرجل هم بسرقة ، ولكنه رأى الناس حوله ، فتركها فهذا عليه وزرها ، لكنه ليس كالذي فعل ماقدر عليه منها لأن هذا لم يفعل شيئاً ، لكن عليه الوزر ، وهو وزر النية بلا شك .
القسم الثالث : أن يهم بالسيئة ، ثم يتركها لله ، فهذا تكتب له حسنة كاملة ، لقوله في الحديث القدسي : ( فإنما تركها من جراي ) أي : من أجلي ، فتكتب له حسنة كاملة .
القسم الرابع : أن لا يطرأ على باله تلك السيئة من الأصل ، كرجل لم تطرأ عليه السرقة ، ولم يطرأ عليه الزنا ، ولا شرب الخمر ، فهذا ليس له أجر ، وليس عليه وزر ، لأنه ليس له نية ، لا لفعل السيئة ، ولا لتركها .
شرح هذا الحديث فائدة ليحذر الوقوع فيها.
️ قال رسول الله : ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) .
قوله عليه الصلاة والسلام : ( حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع )
لعل المراد بذلك : المسافة بين اعتناقه هذا العمل وبين موته وليس المراد : أنه يدنو بعمله إلى الجنة لأن الذي يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس لا يقرب من الجنة إذ أن عمله هذا يعتبر حابطاً لأنه رياء . ص370 .
️ فإذا كان هذا في رفع الصوت ـ الذي هو صفة النطق ـ فما بالك في رفع القول على قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم ) .
فإذا كان هذا في رفع الصوت ـ الذي هو صفة النطق ـ فما بالك في رفع القول على قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ؟ كالذين يقدمون أقوال الكفرة والفسقة على أقواله ؟ ! ما بالك بهؤلاء ؟ ! هؤلاء أقرب بكثير إلى حبوط العمل ، ممن رفع صوته بصفة النطق بلا شك . ص 383 .