عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2014, 11:03 AM   #1
عصر المانوليا
 

عصر المانوليا مجيد و منارة للضوءعصر المانوليا مجيد و منارة للضوءعصر المانوليا مجيد و منارة للضوءعصر المانوليا مجيد و منارة للضوءعصر المانوليا مجيد و منارة للضوء
افتراضي من أرشيف الماضي (رقم2)

برحيلكِ عني انطفأت أنوار قريتي وخيّم الظلام على سعادتي...

تخنقني العبرات وتُحكِم قبضتها على مخارج حروفي وكلماتي الهزيلة فلا أسمع إلّا صدىً لصوتٍ بداخلي يقول(عودي...عودي)
بداخلي يا أمي طفلٌ صغير يطلق العنان لعاطفته يطالبك بإلحاح ألا تذهبي..
وبداخلي أيضاً شيخٌ حكيمٌ يقول اذهبي وتداوي من مرضك لتعودي حاملةً سعادتي في يدكِ اليمنى وما تبقى من هدايا العمر في يدكِ اليسرى.

الفراق بات جواداً يقطع بكِ آلاف الكيلومترات متوارياً بكِ خلف عشرات المحافظات,مسدلاً على جدول أيامي وشاحاً من ذهول...
وعطراً من خمول..
وتقشفاً يعود بي لعصر الصعاليك, ووحشةٍ كتلك التي انتهجها المغول.
ومازال صدى صوتي يتردّد في المكان (عودي)

أجلس كي أتقيّد بوصيّتكِ ياأمي لأشرب الحليب الدافئ كل صباح فلا أرى سوى شريط ذكرياتنا القرمزي يتلألأ في كَوْبي الزجاجي أشبه ما يكون ببقعة زيت تطفو على مياه الخليج العربي, مليئةً بألوان الطيف , تتشكل منها كائنات وأشجار ورياح..
فيختفي دفء ذلك الحليب وينسحب في هدوء تاركاً حليباً بارداً على غير عادته وأحاول أن ارشف منه ولو رشفتين
ولكن مع كل رشفة أسمع صدى صوتي يتردّد في المكان (عودي)
أحاول أن أسلي نفسي متصفحاً جريدة الشرق الأوسط فلا تستهويني العناوين...
ولا تجذبني الأحداث...
ولا تروق لي المقالات...
فقط أقلّب الصفحات تماماً كما يفعل الصغار الذين لم يتعلموا حروف الهجاء.
وحين وصولي لآخر صفحة أقوم تاركاً ورائي تلك الجريدة مواجهةً جيشاً من الهواء ينثر أشلاءها لتتطاير في المكان, وأرحل بخُطايَ المتثاقلة...
تاركاً مجزرةً من الأوراق...
وعناوين مهشّمة الأجزاء...
وحليباً بارداً..
وتشتتاً يعُمّ المكان.



عصر المانوليا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس