[م ح البحيري]

الحمد لله المتفرّد بالدّوام والبقاء، المنزّه عن العَدَم والفناء، أحمده تعالى على قضائه وقدره، وصفاء الأمر وكَدَرِه، وأشكره على حال السرّاء والضرّاء، والشدّة والرخاء، وأسأله الصبر على مُرِّ القضاء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ولا أنداد ولا شركاء، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله إمام الحنفاء وسيد الأصفياء، صلى الله عليه وعلى آله الأتقياء الأنقياء، وصَحْبه ، بُدُور الاهتداء وأنجم الاقتداء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما دامت الأرض والسماء، وسلِّم يا ربِّ تسليمًا كثيرًا
ثم أما بعد :
فإن القلم ليعجز أن يصف ما يعتصر الفؤاد من ألم وحزن ،، وإن اللسان ليصمت عن الهمس والرطن وإن العيون لتذرف الدمع كوابل المزن ,,, تألمنا وحق لنا أن نتألم ، وبكينا وحق لنا أن نبكي .
قدر الله تعالى علينا ، فالحمد لله على قضائه وقدره ، له ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى ، لا راد لقدره ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره .
فجعنا نحن أمة الإسلام ، بموت سلطان من سلاطين الأمة ، سخر وقته وجهده وعمره ، لخدمة الدين والأمة ، نصر الله تعالى به الدين في مواقف كثيرة ، وقمع الله به دعاة السائبة والبحيرة .
فلم تقم قائمة لأعداء الملة إلا وكان لها بالمرصاد ، ولم يناد منادٍ للزندقة والرذيلة إلا قطع عليه طريق الفساد .
عاش عزيزاً بعزة الله ، ونصرة دين الله ،،، لم تنم له عين قريرة وهو يرى ويسمع مصائب المسلمين في شتى أصقاع الأرض .
تعالى عن الظهور ، فأورثه الله تعالى حب الخلق إلى يوم النشور ، واستمال القلوب بحسن سمته وعلو شيمته ،
وافته المنية رحمه الله تعالى ، وهو يسعى حثيثاً أن يجعل من هذه البلاد ، أنموذجاً فريداً ، ومثلاً رائعاً للحب والطمأنينة والأمن والسلام ،،،
متمثلاً قول الله تعالى " الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور "
رحل نايف ، وتركنا يعصر قلوبنا الألم ، رحل نايف وزرعنا على ساحل الأحزان تعب ، رحل نايف وتوارت عن أبصارنا دياجير الأمل .
رحلت يا نايف الخير ، رحلت يا نايف الحب ، رحلت يا نايف الفقراء واليتامى والمساكين ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ... نحتسبك عند الله تعالى ، ونرجوا الله أن يعوضنا خيراً منك ، وأن يجيرنا في مصيبتنا وأن يجبر مصاب الأمة فيك .
رحلت يا نايف ، ولم يستأذنك الموت ، لأن الموت لا يعرف كبير ولا صغير ، ولا غني ولا فقير ،، فحسبنا الله ونعم الوكيل .
رحلت يا نايف فأبكيت قلوبنا ، وجمدت الدم في عروقنا ...
صبراً أبا متعب ، فلست وحدك في المصيبة ، صبراً أبا متعب فحزنك يزيد الجرح ، ويثعب القرح ، ويرسم على محيانا تجاعيد الترح .
صبراً صبراً أيها الشعب الوفي ،،، فالموت لا يقطع نسل الأبطال .
إن مات نايف ، فالله حي لا يموت يكلؤنا بالليل والنهار ، ويخلف ما مضى وسلف ، بخير بديل وخلف ،، جمعنا الله بك يا نايف في أعلى جنات الخلد ، جمعنا الله بك يا نايف على مقاعد الصدق .
أنار الله قبرك يا نايف ، وآنسك في وحشته ، وجعله روضة من رياض الجنة ، وغفر لك ذنبك ، وأصلح لك من بعدك ، وثبتك عند السؤال في القبر ، وعند الحساب والعرض .
إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .