الحمد لله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ،، وأصلي وأسلم على النبي المختار وعلى آله وأصحابه المصطفين الأخيار .
إن العاقل ليعجز أن يصف حالة الفوضوية التي أصابت كثيراً من طلابنا بمراحلهم الثلاث ،، بل ويعجز اللسان أن ينطق بعذر واحد يجعل شريحة هامة مثل شريحة الشباب ،، تسلك مسلكاً بعيداً عن النهج الصحيح للتربية السليمة القويمة .
فإنه والله ليس من التربية ، وليس من الأخلاق والدين ... أن نرى الأرض وقد ابيضت بالكتب والدفاتر والمذكرات المتناثرة هنا وهناك ،،، ألهذا الدرجة ،، قل احترام العلم والعلماء عند شبابنا . بل لو تجاوزنا قضية احترام العلم وأهله
لكانت الطامة الكبرى أنه لا يخلو كتاب من هذه الكتب من آية أو حديث أو حتى سورة بأكملها ،،، ولو حاول غيورٌ على دينه أن يجمعها من هنا وهناك ،، لأعياه التعب ،، ولتعذر عليه الأمر واستعصى ،، بل يبالغ أحدهم في الأمر أن يجعل الكتاب أشلاءً متناثرة هنا وهناك ، يتعذر جمعها ورفعها .
طلابنا أيها الأحبة ،،، صدروهم فارغة خاوية من حب الله وتعظيمه ،، إلا من رحم ربي .
ولا أقول هذا من فراغ ،، إنما هو الواقع المرير الذي نعيشه ونتجرع مرارته ،، خاصة مع طلاب مدرسة الفائجة المتوسطة والثانوية .
إني والله ،، لأكتب هذا ،، وقلبي يعتصره الألم على هذا الحالة التي يعيشها شباب ، لا يقال إنهم صغار ولا يقال إنهم جهال ،، كيف تجرأ هؤلاء على الله تعالى ،، وكيف هانت عظمة الله وتوقيره في صدورهم ،،، كتب ترمى ، وآيات تمتهن ،، وأحاديث تدك .
قبل شهرين ،، لفت انتباهي أمراً عظيماً لا يقل عن هذا ،،، إذ لاحظت كما لاحظ غيري ،، امتهان بعض الطلاب لهذه الكتب بما فيها من آيات وأحاديث ،، وذلك من خلال الجلوس عليها واتخاذها عرشاً ومقعداً .
حينها ،،، حاولنا جميعاً في مدرسة الفائجة المتوسطة والثانوية أن نقضي على هذه الظاهرة ، ونبين خطرها ،، فتكلم المعلمون جزاهم الله خيراً ،، خلال الحصص وخلال فسحة الصلاة ،، وفندوا أبعاد المشكلة للطلاب ،،، بغية تجاوزها ،،، وحتى لا أكون جحوداً كانت هناك ثمرة ونتيجة طيبة ،،، لكنها لم تكن هي التي نرجوا ،، فقد لاحظت بعض الطلاب ، لا زالوا يمارسون هواياتهم بالجلوس على الكتب ،، وكأنهم يظنون أنهم يضروننا أو يكيدوننا
قبل عشر سنوات ،، كنا نعاني من ترتيب الطلاب وضبطهم أثناء صلاة الظهر في المدرسة ،، كان يكبر الإمام ويهم بالركوع ، ونحن نصيح وننادي " كبر يا زيد ، اسكت يا عمر ،، أكمل الصف يا بكر "
ثم نقلت من المدرسة وعدت إليها بعد سبع سنوات ،، فوجدت الحال ،، كما هو !!! يسير الناس إلى الأمام ونحن نسير إلى الخلف .
أعلم أنه سيقول قائل : هذا حال الطلاب وهذا ديدنهم .. فأقول لهذا ؟ لا يا أخي ،، صليت مع طلاب المعقص المتوسطة والثانوية ،، ومع طلاب مدرسة التحفيظ ،، ومع طلاب مدرسة نمرة الثانوية ،، فوجدت الفرق بين هؤلاء وطلابنا ،،، فلا حول ولا قوة إلا بالله .
في هذه المدارس المذكورة ،، ما أن يقرع الجرس حتى تجد كثيراً من الطلاب يسابق للصف الأول ،، ولا زلت أتذكر طلاب مدرسة المعقص الذين كانوا يسابقون المعلمين للصف الأول .
أتذكر طلاب ثالث وثاني ثانوي ،، حسين الحارثي ،، وأحمد يحيى ، والوليد ، وسالم الحارثي ، وعبد العزيز المنتشري ، وغيرهم الكثير ،، كان الصف الأول محجوز لهؤلاء .
وفي زيارتي لثانوية نمرة قبل أسابيع وجدت مثل هذا كذلك ،،، وبالزي الكامل ،،، قلت في نفسي هؤلاء استشعروا عظمة الصلاة ،، استشعروا عظمة الوقوف بين يدي الله تعالى .
أما طلابنا ،،، فالله المستعان " بالعفرته " نجعل الطلاب ينتظمون في الصف ،، فضلاً عن أن الصفوف الأخيرة محجوزة لكبار الطلاب ،، والصف الأول لطلاب الصف الأول المتوسط ،، بل حتى طلاب الأول المتوسط
لا يجلسون في الصف الأول إلا بالإكراه .
فمن المسئول ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بعد أيام ستبدأ اختبارات الفصل الدراسي الثاني ،،، وسترون المعضلة الكبرى سترون آيات الله وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ،،، ترمى على الأرض ،، تطأها الدواب والسيارات ،، وقد وجدت قبل عام كتاب التفسير ،، في وسط الطريق ،، وعندما أخذته ،، وجدت إطار أحد السيارات ،، انطبع على سورة " قل هو الله أحد " ، هزني الموقف ، وحق لكل ذي لب أن يهتز ،، فلمثل هذا الموقف يحترق قلب كل غيور ،، ويمر الأمر مرور الكرام على كثير من الناس .
فمن المسئول ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هذه مشكلة أطرحها هنا نناقش أبعادها ،، ونضع لها الحلول والمقترحات ،، مع العلم أن المسئولية يتحملها الجميع الطالب والمعلم وولي الأمر وإمام المسجد وكل من يرجو الخير والصلاح .
الحلول كثيرة والمخرج من هذه المشكلة ،، لا شك أنه موجود ،،، فدعونا نتعاون جميعاً للقضاء على هذه الظاهرة أو التخفيف منها على أقل تقدير .
أنا أرى أن نبدأ بتوعية الناس طلاباً وأولياء أمور ،، فنجعل هذا الموضوع محوراً أساسيا لخطبة الجمعة هذا الأسبوع ،، في كل مساجد بني بحير ،، أظن الكثير يتفق معي ،، أن الناس قد حفظوا خطبة ما قبل الاختبارات ،، التي مل منها كثير من الناس والتي في الغالب تتحدث عن اختبار الدنيا واختبار الآخرة .
جميل جداً ،،، لو غيرنا هذه المرة ،،،
أليس حلول وقت الاختبارات ،، مناسبة هامة ،، يذكر فيها الناس بمسئولية الأب نحو أبنائه ؟ ،،، أليست مناسبة لأن نزرع في قلوب الأبناء قيمة الأمانة ونبين لهم خطر الغش والخيانة ؟؟ ،، أليست مناسبة رائعة نذكر فيها الطالب بقضية المراقبة الإلهية ؟؟،، أليست مناسبة عظيمة نحاول من خلالها أن نرسخ لدى الشباب مفهوم تعظيم الله تعالى وتوقيره ؟ أليست مناسبة أن نبين للطالب وولي الأمر أن إهانة آيات الله وأحاديث رسوله ، خطرها عظيم وعاقبتها وخيمة ؟؟
ألا توافقونني الرأي أننا متى أصلحنا السلوك ، وجدنا آذناً صاغية تسمع وتعي وتتأثر بمواقف الآخرة واختبارها .
هذا أول الحلول من وجهة نظري ،، فلنبلغ الخطباء والدعاة ، إلى ضرورة تنبيه الناس وتحذيرهم من مغبة التهاون في هذا الأمر ،، أقول هذا أول الحلول والبقية تأتي من مشاركاتكم ومناقشاتكم .
أسأل الله تعالى أن يصلح شبابنا ، وأن يجنبهم كل فتنةٍ وبلاء ،، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
أخوكم : م ح البحيري .