[ابو سامي]

بعض الناس عنده مقدرة عجيبة في تكدير خاطرة . وجلب الهم والغم لنفسه ويجيد فن الخيالات الفاسدة لذهنه فكم يصفوله من هذه الحياة إذا كان دائما يتذكر الماضي بآلامه ويتوقع حوادث المستقبل وتمريضه كلمة مؤذيه من حاسد ويحقد على كثير ممن ماسبق أن فقده ؟ وهو خائف لأنه يظن أن مرضا ماسوف يصيبه ويستمر في جمع
هذه القائمة من الأحزان والمصائب .

إن تذكر الماضي والتفاعل معه واستخارة والحزن لماسيه حمق وجنون وقتل للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة لان ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى يغلق عليه أبدا في زنزانة النسيان يقيد بجبال قويه في سجن الإهمال
فلا يخرج أبدا ويوصد عليه فل يرى النور لأنه مضى وانتهى لا الحزن يعيده لا الهم يصلحه لا الغم يصححه لا الكدر يحييه لأنه عدم فلا تعيش في كابوس الماضي وتحت مظلمة الفائت أنقذ نفسك من شبح الماضي أتريد أن ترد النهر إلى مصبه والشمس إلى مطلعها والطفل إلى بطن أمه واللبن إلى الثدي والدمعة إلى العين إن تفاعلك مع الماضي وقلقك منه واحتراق بناره وانطراحك على أعتابه وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع وتمزيق للجهد ونسف للساعة الراهنة وقد ذكر الله الأمم وما فعلت ثم قال "تلك أمه قد خلت "
انتهى الأمر وقضى ولا طائل من تشريح جثه الزمان وإعادة عجله التاريخ
إن الذي يعود للماضي كالذي يطحن الطحين وهو مطحون أصلا وكالذي ينشر نشارة الخشب وقديما قالوا لمن يبكي على الماضي : لا تخرج الأموات من قبورهم وقد ذكر من يحدث على ألسنة البهائم أنهم قالوا للحمار : لم لا تجتر ؟ قال أكره الكذب !!
أن بلاءنا أننا نعجز عن حاضرنا ونشتغل بماضينا نهمل قصورنا الجميلة ونندب
الأطلال الباليه ولئن اجتمعت الإنس والجن على إعادة ما مضى لما استطاعوا لان هذا هو
المحال بعينه

إن العقلاء لينظرون إلى الأمام والقافلة تسير إلى الأمام فلا تخالف سنه الحياة فيا من أراد السعادة والراحة لا تقصر حياتك فهي قصيرة أصلا عش في حدود يومك ولا تبك على ما فاتك واترك المستقبل حتى يأتي ولا تلق بلا لكلام الحساد وتوكل على الله فهو حسبك وكفى هموما و غموما و حزنا