الهروب من الواقع
لطالما شعرنا بتلك الرغبـ ة العارمـ ة للهروب من الواقع إلى أعالي الخيال ، ففيـ ه ، كل شئ ممكن .. وليسَ مُباح .
منّا مَن يجعل لهُ عالمٌ خاصٌ بهِ هناك ، يُعبّر فيه عن مكنونات صدرهِ الدفينـ ة بكلّ
حُريّـ ة ، دون قيود وضوابط بشريّـ ة من صُنع هذا وتحت رقابـ ة ذاك .
رُبّما يأخذكَ الشعور بنشوةِ الإنتصار هناك إلى الصراخ هنا فَرِحاً مسروراً غير آبهاً باتّهامهم لك بالمسّ أو الجنون .. بل هم المجانين لأنّهم لا يُدركون ماهيّـ ة الإنتصار الذي حقّقتـ ه بعيداً عنهم ، ولو كنت بينهم لما كان .
عالم الخيال .. عالمٌ ملئ بالعدلِ لو أردت ، وبالظلمِ لو أردت ذلك أيضاً .
عالمٌ يجعل العبد ملكاً ، والملكُ عبداً
القويّ ضعيفاً والضعيف قويّاً
الأسير حُرّاً والحرّ أسيراً بكلّ يُسرٍ وسهولـ ة دونما عناء.
تختلق شخصيّات وأماكن ووقائع من وحيـ هِ العجيب ، وقد تُشرك أُناساً معك ببحرهِ الواسع دون معرفتهم بذلك .
ربّما تُتهم بالضعف حيال دخولك إلى عالم الخيال ، فلا عليك منهم ومن ترهاتهم ، فهو رائع للخروج من مأزق أوقعوك فيه ، وأكاذيب أوهموك بها ، وانتصارات كانت بعيدة عنهم وما عرفوا لها طعماً ولارائحـ ة .
فلنهرب معاً من واقعنا الأليم إلى أعالي الخيال لنصرة المظلوم وسحق الظالم .
نستردّ ما سُلبَ منّا بالقوة ، ونسير معاً فرحين ضاحكين نتغنّى بنصرنا وفلاحنا .
دعونا ننعم ببعض الخيال الساحر الجميل بعيداً عن جراح واقعنا الأليم .
هو نوعٌ من الشفقة المشروعـ ة على أنفسنا كي لا نُصاب بالجنون جرّاء ضعفنا .
نتلاعب بـ قوى العالم كيفما نشاء ، فنجعل القوى العظمى صاغرة ذليلـ ة ، والضعيف منها قويّاً عزيزاً .
مدينـ ةٌ ورديـ ّة جميلـ ة ، فتياتها مُحجّبات ، أوزارها قليلـ ة ، رجالها رجال ، تحيا بطمأنينـ ة وسلام ، آمنة بلا قوّات أمن ، لا يُعكّر صفوها المادة وتبعياتها ، ماؤها نظيف وزادها بأرضها ، تخلو من السماسرة والدجّالين ورؤوس الأموال ، الكل فيها سواسيـ ة بالعدل والميزان .
في عالم الخيال ..
يُصبح المستحيل ممكنا
ولكلّ عالم انتكاسـ ة تُعكّر صفونا ، في عالم الخيال ننتكس بقوة عند لحظـ ةِ الرجوع إلى واقع الحياة
.