|
|
الله في العافية
عِبَارَةٌ سمعتُها كثيرًا ولازلت..عِبارةٌ أُلطِّفُ بها مشاعري أينما كُنت..ألفاظُها تشفي العليل, وحروفها كماءٍ عذْبٍ سلسبيل,,,,,,حقًّا, إنّها تبعثُ الأملَ في المستحيل.
قبل أيّامٍ قليلةٍ مضتْ, استوقفني رجلّ طاعِنٌ في السنّ؛ ليسألني فيما يخصّني؛ وبعد إجابتي عن سؤاله الزمني, قال بصوتٍ دافئ: الله في العافية, ثم قال مرّةً أخرى: الله (نبوك)* في العافية. وقفتُ هُنيهةً أتأمّلُ فيما قال, أفكّرُ في هذه العبارة التي نطق بها لسانه, وأتذكّر كيف كانت تمرّ كثيرًا مرورَ السحابةِ لاريثٌ ولاعَجَلُ. لم أقفْ عندها ذات لحظة, ولم أسبرْ غورها ذات يوم؛ لكنني ألِفتُها عبارةً بسيطة, مريحة, تُطَمئِنْ النفس, وتُسبي القلب, تحملُ في جوفها معانٍ جميلة, وتختبئ في أحشائها دلالاتٌ فضفاضة, سمعناها صغارًا ونسمعها كبارًا, وستظلّ في الأذهان راسخة؛ لنتذكّرها عندما يحلُّ الألم, و عندما تزورنا نوائب الدهر, ومن ذا الذي سينجى من فُجاءَةِ الاثنين؟؟!!
العافية, هي الحياة, هي المطلب, هي الأمل الذي ينشده كل من على هذه البسيطة, فما أجملَها من حياة!! عندما تنعم بصحة جيّدة, وبحالةٍ مستقرّة, تذهبُ إلى عملك سعيدًا, وتعود سعيدًا, تدلف إلى بيتك فتجد أهلَك يرفلون في ثوب الصحة والعافية, لا سقم, لا بلاء, لا كدر,لا أحد يشتكي من قسوة الآلام, ولا أحد يئنُّ من طوارق الأيّام.
تأتي إلى والديك وهما في قمة البهجة والسرور, وتزور إخوتك فتلقى البشاشة والحبور, لا وجع, لا بكاء, لا أنين, ترى الصغار مع بعضهم يلعبون, مرتدين ثياب العافية, تذهب إلى أصدقائك فرِحًا, لاشيء يكدّر مزاجك, تُسلّم عليهم, تُمازحهم, تتنزّه معهم, تسافر مع مَن تحبّ لأجل السياحة, لا لأجل البحث عن دواء, تلعب الكرة, تشاهد المباريات, تستمع بما تتوق له نفسك, وأنت في صحةٍ وعافيةٍ, يا لَها من سعادة!!
كم هي اللحظات التي تمرّ بنا ونحن نرتع في بهو العافية, ونزهو في بستان الصحة, وفي الوقت نفسه هناك مَن شكا الأرق, وعاف النوم, وأقعده المرض, ومع ذلك لا نستشعر النعمة العظيمة التي وهبنا الله إياها.
كيف يكون الحال عندما يداهمنا من الأمراض أدناها, ولن أقول أقساها, إننا ننشد الله العافية, ونرجوه الشفاء... هيّا نشكره في السرّاء؛ لكي يكون معنا في الضراء.
إخوتي:
غايتي ممّا سلف أن نقول: اللهم لك الحمد على العافية.
*نبوك: أنا أبوك.
|