[عصر المانوليا]

كلنا يمرّ بمراحل متتالية في هذه الحياة.
العتيق فيها يسمّى ماضياً لأنه ذهب واندثر, ولم يبق منه سوى الذكريات. وربما يسعى الإنسان حثيثاً إلى كشف ستارة الحاضر ليرى ما وراءها ولكنه عندما يرى هذا الحاضر ويعايشه قد يحن للماضي.
ربّ يوم بكيت فيه فلمّا ***** صرت في غيره بكيت عليه

وتارةً نفرح بانسلاخ الأيام من شرنقة التقويم السنوي يوماً تلو الآخر لنصل إلى مرحلة محددة قد نراها سعيدة وكل يوم نسعد بمروره وانقضائه يدني من الأجل المحتم على كل واحد سكن هذه المعمورة.
إنّا لنفرح بالأيام نقطعها ***** وكل يوم مضى يدني من الأجلِ


كل إنسان في هذه الحياة لا يخلو من ارتكاب الأخطاء والهفوات التي قد توصل في الغالب إلى محطة الإخفاقات وقد يلوم نفسه لوماً سلبياً يصل به إلى نسف هذا الماضي برمّته عن بكرة أبيه .
فعليك أخي العلم يقيناً أن هذه الأخطاء لو لم نقع فيها في الماضي لاجترفناها في الحاضر ولكن الماضي أملى علينا أن نعتزل هذه الأخطاء بلا رجعة وكان تعليمه لنا (بالمجان) وذلك بسبب التبعات التي تلحق بهذه الأخطاء.

إذا أردت أن تستفيد من الماضي حتى وإن كان محمّلاً بأثقال الأخطاء التي اقترفتها قديماً فاجعل ماضيك بمثابة صندوق الخبرات الذي تعود إليه بين الفينة والأخرى لتفتحه وتستفيد منه خاصةً إذا مرّت بك حوادث مشابهة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم( لا يلدغ المؤمن من جحرٍ مرتين)


علينا أن نوقن بأننا معرضون للخطأ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون). ويجب أن يكون لدينا فلسفة رائعة وراقية للوقوف بجانب مرتكب الأخطاء أياً كان نوع هذه الأخطاء, فعندما شرب أحدهم الخمر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم سبّه البعض فقال لهم الرسول لا تعينوا الشيطان على أخيكم.
وبريد الوقوف مع مقترف الخطأ أراه في النصيحة شريطة أن تنفرد به لوحده لأنها إذا كانت أمام الملأ تحوّلت إلى فضيحة.

وأنت يا من غاصت قدماه في وحل بعض الأخطاء أقول لك: إنّ الحياة مستمرة وتصحيح المسار باقٍ وكأني به واقفاً في نهاية طريقك يلوّح لك بيده ويقول: (تعال) . الخطأ صديقي ليس عيباً إنما العيب الاستمرار فيه فأرنا صفحتك الناصعة واخلع جلباب الماضي الذي شوّهتْ الأخطاء معالمه لتعيش الحاضر ولكن لا تنس أن تحتفظ بالماضي كصندوق خبرات للاستفادة منه في مجابهة بعض الأحداث التي ستواجهها في حاضرك.