بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ،،،
كل عام وأنتم بألف خير وعافية ،، وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال .
أيها الأحبة الكرام:
كلنا يفرح ، متى ما رأينا إنجاز أو إبداع يحملنا على ذلك ،، وكلنا يحزن ويتأفف متى ما رأينا من يشد على عجلة التقدم والتطور .
كلنا يحلم ويأمل أن نرى شبابنا من خيرة شباب المنطقة علماً ووعياً وثقافة ،
وكلنا يتألم عندما يشاهد يد العبث تشدنا إلى الوراء عشرات السنين ،،
قبل سنين ،، أيام ريعان الشباب ، كنا نعاني كثيراً ،، عندما يأتي شابٌ طائش لينزع أعمدة ملعبنا الصغير ،، وتزيد المعاناة إن زاد طيشه ، فكسّر قوارير الزجاج في أرجاء الملعب ،
ولعل الكثير منكم يتذكر مثل هذا ، ولا أدري هل لا زالت تلك الظاهرة موجودة ، أم أن الشباب الرياضي أصبح أكثر وعياً
ولأن الشيء بالشيء يذكر ،، أتذكر في الزمن الغابر ، لوحة معدنية عُلقت على طريق المعقص الفائجة تدل السائر على الطريق وترشده لاتجاه بلاد بني بحير ،، أتذكر تلك اللوحة المسكينة التي رجمت بالحجارة حتى تضرجت بتراب الأرض ،، بعد أن غطتها الحجارة وبقايا الطوب .
وإن كنا نلتمس العذر الملون بلون المجاملة لذلك الشاب الرياضي الذي كان يعبث بأرض الملعب وممتلكاته ، ظناً منا أنه مقهورٌ من موقف رياضي حصل له داخل الملعب ،
فإنا كذلك نلتمس العذر بقليل من التلوين ، لصاحبنا صاحب اللوحة المعدنية ، بحكم عقليات الشباب في تلك الحقبة الماضية من الزمن ،،
ولكني كنت أظن أنا عقليات الشباب قد تجاوزت ثقافة الطوب والحجارة ، وأن شبابنا أصبح أكثر وعياً ودراية بما يسمى بالمصالح العامة والخاصة .
والذي يبدو أن ظني لم يكن في محله الصحيح ،، وأنا لا زلنا نحتاج إلى عشرات السنين حتى نتغلب على ثقافة الطوب والحجارة
قبل أيام من كتابة هذا الموضوع ،، وبالتحديد على أواخر شهر رمضان ،، كنت أتابع مع الأخ المجتهد أبي عماد ،، عملية توزيع لوحات المعايدة الخاصة بمنتديات بني بحير بالقرن ،، في الأماكن العامة والتقاطعات المكتظة بالمارة ،، وكان جزاه الله كل خير يتصل عليّ بين الحين والآخر ،، يسألني عن إمكانية وضع اللوحة في المكان الفلاني .
وقد يسر الله تعالى له ذلك ، فتم توزيع اللوحات ، بطريقة تراعي جغرافية المنطقة ، وأماكن تجمع الناس أو مرورهم .
وقد مررت على إحدى تلك اللوحات الرائعة في تحويلة المعقص بالتحديد ،، فأدهشني حسن إخراجها وصفاء ألوانها ومركزية موقعها .
وفي حفل المعايدة ،، كنت أزف لأبي عماد التهاني ممزوجة بعبارات الشكر ، على تطبيقه لقاعدة
" إذا ألزمت نفسك فالتزم "
التي حفظها مني أبو عماد عن ظهر قلب وكان خير من يعمل بمقتضاها ،
لكنني والله حزنت أشد الحزن عندما نقل لي خبر تعرض بعض اللوحات التي نصبت حول مخارج قرية الفائجة لحملة شرسة استخدم فيها المهاجمون جلاميد الحجارة وشظايا الطوب ليعلنوا لنا بصراحة أن بعض شبابنا " ولا أقول الكل " يحتاج إلى سنواتٍ أخرى من الخبرة والوعي واحترام جهود الآخرين ،،،
أتذكر أننا أثناء تناول مائدة العشاء في حفل المعايدة ، كنت أتناقش مع الأخ الغالي طارق العاصمي وأظن عبد الله القرني حول هذه المشكلة ، فخطفت من طروقي العزيز كلمة رائعة ، عندما قال لي : إن هناك شباب في حاجة إلى ثقافة أوسع مما هم عليه ، أو عبارة قريبة من هذا ،، استفدت مما قاله طارق في اختيار عنواني هذا ونشر محتوياته .
فعلاً أيها الأحبة ،، هناك من يحتاج إلى مراجعة عقله ،، والنظر في المجتمع من حوله ،، لعله يعي أن السفاهة والحماقة وسوء التصرف وتهميش الآخر هي ظاهرة سلبية تضر به قبل أن تضر بمجتمعه ،،
ولعلكم توافقوني الرأي أنه لا فرق بين حماقة ، مستر غضب ،، وحماقة بطل الطوب والحجارة إلا من حيث الأسلوب المستخدم لإفساد الأعمال الناجحة ،،
وبطبيعة الحال ،، أنا لا أكتب هذا الكلام ،، من أجل أن أتلقى الردود ،، أو الرسائل الخاصة ، التي تشيد بالموضوع ،،
إنما هدفي الأول والأخير بكل صراحة ووضوح ، أن يعلم مستر غضب ومن على شاكلته ،، أنهم سفهاء المجتمع ،،
فإن كانوا قد بسطوا أيديهم لإظهار الفساد في الأرض ،، فإنما ذلك ترجمة جلية واضحة لكل ذي لب عن رواسب الحقد والحسد الذي تكنه صدورهم ، وعن ذاك العذاب الذي يعيشه أولئك، نتيجة العجز والوهن الذي أقعدهم ، فعندما عجزوا أن يبنوا لأنفسهم خوص مجد ،، رموا قصور التفوق بالحجارة والطوب ،، وأنى لهم ؟
وصدق القائل :لله در الـحـســـد ما أعـدلـه ، بـــدأ بـصاحـبـه فـقـتـله
فصبراً أيها الأحبة ،، فشتان بينكم وبينهم ، ولا مجال بين ما تقدمونه وتجسدونه ، وبين ما يصنعونه ويعربدونه ،
شتان بين الماء يُشرب صافياً ** والماء يشرب بالقذى والطحلب
سيروا على ما أنتم عليه وطوروا أنفسكم ،، واستفيدوا من سوء أخلاق غيركم في الترفع بقيمكم وأخلاقكم .
ولا تنسوا تجريد النية لله تعالى ،، فإنها روح العمل ، وسر نجاحه
ولكم مني خالص الشكر والتقدير
أخوكم : م ح البحيري