[م ح البحيري]

الحمد لله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ،، والصلاة والسلام على الحبيب الأول الرسول المصطفى خير خلق الله جل وعلا ..
تحية صادقة من القلب للأخ العزيز ،، جداوي ، الذي سد فراغاً شاغراً في هذا المنتدى كنا في أمس الحاجة إلى من يملأه .. وأظن أن المنتدى قد وجد ضالته في حبيبنا الغالي " جدواوي " ولا ننكفر فضل بعض الإخوة الآخرين دون ذكر اسمائهم ،، الذين يركزون على اشعال فتيلة الإيمان في قلوبنا ،، ويناقشون جوانب القصور في علاقتنا بربنا .
فقلوبنا أيها الأحبة في حاجة لمن يحرك فيها معاني الإيمان الفطري ،،، ويشعل لهيب جمره ،، والإيمان كما قال ابن القيم بما في معناه ،، كالجمر ،، إذا حرك توهج ،،
وأظن أن كاتبنا الرائع قد أصاب الهدف ،، وأمسك العصى من نصفها ، عندما اختار موضوع محبة الله تعالى كموضوع للطرح والمناقشة ،، وكما خط قلمه جزاه الله كل خير ,, فالموضوع أكبر مما نتخيل بكثير ،، ومحبة الله تعالى أكبر من أن يفي حقها موضوع في منتدى ،،
والقضية الكبرى يا جداوي المنتدى ،، أن المربي الفاضل في حاجة لأن يجد حلاوة المحبة في قلبه وأن يتذوق رحيقها هو أولاً ، وإلا فما أظن أن مربياً لم يعرف معنى محبة الله ولم يستشعر عظم شأنها ولم تتغلل في صدره حقيقتها سيستطيع أن ينقلها لتلاميذه بصورتها النقية .. ومتى ما توطن حب الله تعالى نفس المربي بمعناه الحقيقي ،، لن يألوا جهداً ولن يبخل على طلابه بنقل ما يجده من لذة وسعادة .
ولذا كان واجباً على كل مربي أن يكثر من قراءة كتاب الله تعالى بتدبر وتفكر في معانيه وعجائبه ،، ليرسخ معاني الحب لله في قلبه ،،،
ولست أجد بعد كتاب الله تعالى أفضل من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسنته كنموذج رائع أمام المربي ليعرف كيف فعلت المحبة في قلوب المحبين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ومما يؤسف أن تلك السيرة العطرة العظيمة لا تدرس في مناهجنا إلا في وريقات قليلة بالصف الرابع الابتدائي ،، بل كنا في الماضي نجد في كتاب صور من حياة الصحابة أو صور من حياة التابعين اللذين كانا يدرسان بالمرحلة المتوسطة ،،كنا نجد في هذين الكتابين ، أمثلة رائعة وصور حية .. لمن فهم معنى حب الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم ،، وقد حذف الكتابان من منظومة مناهج المرحلة المتوسطة ...
وقد رأيت في مناهج دار الحديث الخيرية بمكة المكرمة العجب العجاب .. إذ يدرس الطالب .. سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات // فيدرس كتاب السيرة النبوية للشيخ محمد بن عبد الوهاب في المرحلة المتوسطة " ليست هناك مرحلة ابتدائية بالدار " ويدرس كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري بالمرحلة الثانوية ،، ثم يدرس السيرة النبوية لابن هشام بالمرحلة العالية .. وما هذا إلا ليقف المتعلم على معنى حب الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال السيرة العظيمة للمصطفى صلى الله عليه وسلم ..
أعود للموضوع الأصلي بعد الإستطراد .. فأقول :
ثم بعد كتاب الله وسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم وسنته .. يستعرض المربي ما قاله السلف وما سطرته أقلام الأئمة الأعلام النبلاء في موضوع المحبة ولست أجد أفضل من كتب ابن القيم التي ناقش فيها معنى المحبة بتفصيل دقيق
كـ " روضة المحبين " و " مدارج السالكين " ,,
بقي أن نذكر أن هناك من ضل ضلالاً بعيداً في معنى المحبة ،،، فظن أن المحبة هي أهازيج تتلى أو شعارات ترفع أو احتفالات بدعية تقام هنا وهناك ،،،
والواقع أن لمحبة الله تعالى حقيقة .. ذكرها الله تعالى في كتابه .. فضحت كل من يدعي محبة الله تعالى ولم يحقق معناها .. تأملوا قول الله تعالى " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله "
فلا جدل بعد قول الحق سبحانه وتعالى ، ولا خلاف في معنى المحبة ،،
فمن كان متبعاً محققاً أمر المعبود جل في علاه .. باتباع ما أمر به واجتناب ما نهى عنه ،، فقد حقق معنى المحبة ،،
ومن ظن أن المحبة هي أقوال وطقوس ،، تتنافى مع معاني الإتباع والطاعة فقد أخطأ الطريق ،،
أرجو أن لا أكون قد حدت بالموضوع بعيداً عن مسلكه الذي أراده الكاتب .. ولكني أحببت أن أركز على قضية فهم المربي لمعنى المحبة وتجسيده لحقيقتها وامتثاله لمفهومها هو أولاً حتى يستطيع أن ينقل لتلامذته صورة صافية من الشوائب ..
فإن كان غير ذلك فلا غرو أن " فاقد الشئ لا يعطيه "